تفاعل

بضع سنين يا قدس

عندما أخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة، قال بلهجة حزينة مليئة أسفا وحنينا وحسرة وشوقا مخاطبا إياها «أما والله لأخرج منك، وأني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى، وأكرمها على الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت».

فعاد صلى الله عليه وسلم في بضع سنين ليدخلها على كابر أهلها، وهو عزيز مقتدر، مطهرا لها وللحرم المكي من الأدناس والأرجاس، محطما الأصنام والأوثان، ومحق الله به الشرك وأهله، وفتحت مكة فتحا مبينا.

هيهات بين من ملك مكة في ذلك الزمان، وبين من لم يملكك يا قدس ويعطيك لمن لا يستحق.

الألم فيك يا قدس عظيم، والكسر في القلب جسيم، والعيش بدنوك جحيم، لن تطفئ الدموع الحزن القاسي، فعذاب الشوق فيك له مآس، وأوجاعنا فيك تحتاج أحاديث طوالا، لا تنتهي ولو كتبناها في صحف طوال.

بضع سنين يا قدس وستعود إن شاء الله إلى الحضن الإسلامي، والقيادة الإسلامية، فأنت أولى القبلتين، ومسرى النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، ومعراجه، وثالث الحرمين الشريفين، ومجمع الأنبياء، وأرض المحشر، وأقرب الطرق إلى السماء، فأنت عشق منقوش في قلوب مليار ونصف من المسلمين.

أبشر يا قدس، ستعود عزيزا طاهرا كما كنت، شامخا كما علمنا، وسترفع لك الرايات، وستصلي فيك الصلوات الخمس، وستودع الأحزان بالأفراح، فاثبت يا قدس فإن النصر قريب، ولن تبقى غريبا، فعدوك أكمد، وأيام العز لك أدوم.