تفاعل

الأسرة وقيمة النزاهة

ديسمبر 2017 وسم مشرق في تاريخ قيادتنا الرشيدة في تتبع مدمرات الاقتصاد الوطني وأهمها الفساد، ومحاربة وفضح خططها المشؤومة للمضي قدما نحو التنمية المستدامة، والرخاء الحقيقي، والازدهار المستمر، ورفع كفاءة الإنتاج، وتنوع الاقتصاد الوطني لهم بحق آمال ووعود جادة لوطن أكثر أمنا وعدلا.

إن اجتثاث الفساد من جذوره لهو منهج عملي لتعميق وتطوير قيم النزاهة، وإحلال الضمير الإنساني السقيم بمواطنة صالحة مرغوب فيها، ونسف مفهوم المصلحة الخاصة بتوعية ونشر مفهوم الحقوق والواجبات، ومواجهة الاختلال والاضطراب السائد عبر مفاهيم الوضوح والشفافية لتحصين المجتمع من تيارات اللا قيمية.. كل ذلك تطبيقات عملية تمثل دورنا كأسر وأفراد تجاه الفساد وصوره.

عندما تعمق الأسرة قيمة النزاهة لدى الأبناء بمدلولاتها اللفظية المتركبة من سمات الجود، والعدل، والفهم، والنجدة. بالإضافة إلى مداولاتها الحسية المرتبطة بالعفة وطهارة القلب، والجوارح، والجيب في الإمساك عن المحظور، والوقوف عن المباح لتنزه من مواقع الريبة. هنا فقط تصبح قيمة النزاهة هدفا وجدانيا يتحول إلى سلوك وممارسة. فإذا أردنا تحويل القيمة إلى سلوك وممارسة عملية علينا بتطبيق تربوي يمثل خطوات التشكيل القيمي لدى الفرد. من تلك التطبيقات التربوية نموذج ديفيد كراثول الذي يرى أن الاستقبال والتقبل للهدف الوجداني أو القيمة يولد الاستجابة التي تتخذ من التقييم مصدرا للتنظيم الذي يؤدي إلى تشكيل الذات القيمية. إن هذا النموذج يوضح لنا دور الأسرة المهم في ضرورة مراقبة سلوك الأبناء وفحص قيمهم وأخلاقياتهم باستمرار حتى لا تتحول الأهداف الوجدانية السيئة إلى سلوك سلبي ثم وسم لتشكيل ذات فاسدة لا قيم لها. فمجرد الانتباه لظاهرة غير محمودة والمشاركة في فعلها ومن ثم المواظبة على ذلك يزعزع القيم والأخلاقيات في نفوس الأولاد مما ينتج لنا جيلا متهاونا في قيم النزاهة والوضوح، وممارسا لشتى أنواع الفساد.

عندما يتبنى الفرد والأسرة التربية القيمية في سن مبكرة واحتضانها بشكل عام فكرا وسلوكا عبر خطوات إجرائية لنموذج علمي معين تصبح عملية التوعية والمعرفة أمرا سهلا، وتتخذ التطبيق العملي للأساليب الدينية والتربوية منهجا يبدأ بمعرفة أهمية حفظ الضروريات الخمس التي أجمعت عليها جميع الشرائع والملل (الدين، ثم النفس، ثم العرض، ثم المال، ثم العقل)، وتطبيق خطوات التفكير الناقد والتحليلي للتمييز ما بين المحمود والمذموم والحرام والحلال، ودعم قيمة النزاهة بمصفوفة قيمية تبدأ بالانتماء والمواطنة المرغوبة، والقدوة الصالحة، والمسؤولية الاجتماعية، والرقابة والتبليغ بالخطأ. هنا تتوفر البيئة الأخلاقية لجميع القيم ومنها النزاهة والشفافية والوضوح.

ختاما، الأسرة الواعية والمواطن الصالح يدركان أن التربية القيمية والوسطية والمرونة والتوازن أسلحة تربوية منيعة في ظل التغييرات الثقافية والحراك الوطني للعالمية والتسارع الزمني نحو وطن طموح واقتصاد مزدهر لمجتمع بنيانه متين.