تفاعل

الاستثمار في الرعاية الصحية.. ماذا يعني؟

إسماعيل محمد التركستاني
نعم، ماذا يعني أن تصل الرعاية الصحية المقدمة في المنشأة الصحية إلى تصنيف يمكن أن نطلق عليه أو نتوجه بكلمة تميز؟ مفهوما وتطبيقا، إطلاق كلمة تميز على المنشأة الصحية في خدماتها المقدمة، يعني سهولة وصول المستفيد (المريض) من الرعاية الصحية إلى الخدمات التي يحتاجها نتيجة معاناته من الألم مهما اختلف حجم ذلك الألم.

ولكي أقرب للقارئ العزيز رسالتي في مقالي هذا في مفهوم الاستثمار في القطاع الصحي بصورة عامة، في المفهوم الاستثماري، هناك طرفان، طرف لديه طلب وطرف آخر يقدم عرضا، فمثلا (لتقريب المفهوم) نقاط البيع مهما اختلفت أحجامها مثل السوبر ماركت أو البقالة، فعندما يكون لديك طلب (مهما كان)، سوف تذهب مباشرة إلى النقطة التي سوف تجد احتياجك لديها، ولكن، قبل الذهاب إلى تلك النقطة، سوف تفكر في بعض الأمور التي تكون سببا رئيسيا في توجهك إلى نقطة بيع معينة، ومن تلك الأمور التي تخطر في ذهنك، سعر (التكلفة) الشيء الذي ترغب في اقتنائه، وجودة المعروض الذي ترغب في الحصول عليه، وسهولة الحصول عليه. ومن المؤكد أن تلك الأمور التي تدور في ذهنك، لا بد أن تكون من الأوليات التي يفكر فيها الطرف الآخر (صاحب العرض) والذي يقوم بتقديم ما يحتاجه الطرف الآخر (صاحب الطلب). ومن هنا، تبدأ نقاط البيع في التميز عن بعضها البعض، في كيفية العرض وذلك لهدف جذب أكبر عدد ممكن من أصحاب الطلب، ويكون التميز في: خفض سعر المعروض، سهولة الحصول عليه، عرضه عن طريق الإعلانات التجارية (مهما اختلفت طريقة الدعايات)، وتكون النتيجة: التفاعل الإيجابي بين مختلف الأطراف في عملية تبادل المنفعة.

إذن، لا بد أن يكون هناك سيناريو أو بمسمى آخر، استراتيجية عمل يمكن من خلالها الوصول إلى أفضل النتائج والمخرجات لكلا الطرفين في عملية تبادل المنفعة، لأنه، في حالة وجود أي نوع من الخلل في تسلسل السيناريو أو في تطبيق الاستراتيجية (في أي من مراحلها المختلفة) ستكون هناك نتائج سلبية قد تؤدي إلى فقدان الثقة مستقبلا بين مختلف الأطراف، وهذا النوع من التفاعل السلبي سيؤدي إلى وجود فجوات قد لا يمكن ملؤها مستقبلا.

ويدرك المختصون وخبراء الاستثمار الصحي أن عملية الانتقال من مفهوم الخدمة مقابل الحجم إلى مفهوم الخدمة مقابل القيمة، تحتاج إلى الكثير من التأني، وذلك لتفادي ما لا تحمد عقباه من نتائج سلبية تؤثر وبقوة على حجم الموارد المالية والتي تعتبر قاعدة هامة في إيصال الخدمات الصحية إلى مستوى من النجاح في الوصول إلى التميز في صورته التي هي في أذهان جميع الأطراف مهما اختلفت مستوياتهم الاجتماعية والثقافية.

باختصار.. المتابع لما يحدث في التطبيقات التي تقوم بها الجهات المختصة في خصخصة الرعاية الصحية، يجد أن هناك الكثير من التروي والدراسات في هذا الشأن، والذي يعتبر من الأمور المحمودة والمطلوبة بقوة. لأن اتخاذ القرارات السريعة، قد يكون له عواقب وخيمة والتي منها عدم تقديم الخدمة الصحية بالشكل المميز إلى من هم في أمس الحاجة إليها. مثل تلك القرارات تعني أنها تصب في خانة: المردود الإيجابي على صحة الإنسان والمجتمع ولا تكون في صورة: المردود المالي، والذي هو هدف لكثير من المستثمرين!