الرأي

أولى خطوات صناعة الفيلم السعودي قد بدأت

منذ الطفولة وإلى اليوم وشهر رمضان يعتبر شهر العرب في صناعة المحتوى التلفزيوني.. ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم وأنا أحتقر بقوة صناعة المسلسلات لدينا، بل ويظل إلى اليوم «طاش ما طاش» هو أحد النقاط البيضاء في ذلك الثوب الأسود المسمى بالفن الخليجي (السعودي) برأيي.

ما هي المشكلة؟ وما الذي ينقص السعوديين تحديدا في صناعة محتوى مبهر، عميق ومليء بقوة الحدث والتأثير؟

شخصيا أعتقد بأن الجيل الماضي طغت عليه فئة «العمل» أكثر من فئة «الشغف»، وبالتالي فإنه يمثل من أجل المادة والشهرة أكثر من أنه يرغب أن يكون جزءا من منظومة كاملة تتعاون لأجل صناعة محتوى نستطيع أن نطلق عليه «فنا»، بالإضافة إلى أن مفهوم الدراما معدوم بالقضايا التافهة والمتكررة، ويغلب عليها التحزبات المجتمعية وتناول مواضيعها. أما صناعة الكوميديا فهم بعيدون كل البعد عنها، ولا ناقة لهم فيها ولا جمل.

جيل اليوم من الناحية الأخرى مختلف، جيل اليوم مهووس بالسينما والتلفزيون أكثر، بالتالي فهو جيل واع ولديه القدرة على المقارنة. واع بمدى اختلاف المستوى الفني حينما يشاهد فيلما مثل «مانشستر باي ذا سي 2016» ثم يعود ليشاهد أي عمل درامي تلفزيوني سعودي بنفس السنة. فهو يعلم أين تكمن صناعة الدراما الحقيقية. أو حين يشاهد فيلم «ليباوسكي الكبير 1998» فيتلقى فكرة لا بأس بها عن مفهوم الكوميديا.

هذا الوعي ولد الحب بالحرفة، وذلك الحب ولد الهوس والرغبة بالمشاركة في الصناعة، لذلك بدأ هذا الجيل برأيي في صناعة فنه الخاص على منصة مجانية احتضنت رغبته مثل اليوتيوب. فخرج لنا جيل يرغب بالشغف قبل العمل، وظهرت قنوات كـ»تلفاز 11» و»سين» و«فُليم».

بدر الحمود يخرج بفيلم «فضيلة أن تكون لا أحد» في العام الماضي، الفيلم الذي ذكرني بتحفة عباس كيارستمي «بطعم الكرز 1997» حينما تخلى عن فكرة وجود موسيقى داخلية «ساوندتراك» واعتمد على الأجواء الهادئة والمتوترة للمثل وما يمر به. بالإضافة إلى استشفافه أحد أهم أحداث فيلم «المشتبه بهم المعتادون 1995». أما فيلم علي الكلثمي «وسطي» فهو إحدى بصمات الشاب السعودي حينما يوظف المشاكل المجتمعية الدرامية في قالب كوميدي ساخر ورسالة هادفة في عنوانه ونهايته. أما عن فن تصوير الدوكودراما فيأتي مسلسل «شقة العيال» ليبدع في تصويرها. المسلسل اليوتيوبي الذي جسد ثلاثة من المبتعثين مختلفي المنشأ والطباع ويجتمعون في شقة واحدة في أمريكا.. كل هذه الأعمال تدل على تطور الوعي لدى صناعة السينما والتلفزيون السعودي.

أخيرا أرى بأننا مقبلون على عدد لا بأس به من الشباب الذين يعرفون ماهية صناعة الفيلم، ولذلك أجد نفسي مقرا بأن «أولى خطوات صناعة الفيلم السعودي قد بدأت».
صناعة المحتوى بين جيلين

الجيل الماضي
  • طغت عليه فئة «العمل» أكثر من فئة «الشغف»
  • يمثل من أجل المادة والشهرة أكثر من صناعة المحتوى
  • مفهوم الدراما معدوم بالقضايا التافهة ويغلب عليها التحزبات المجتمعية ومواضيعها
  • بعيد كل البعد عن صناعة الكوميديا


جيل اليوم
  • مهووس بالسينما والتلفزيون أكثر
  • واع ولديه القدرة على المقارنة
  • مدرك لاختلاف المستوى الفني ويعلم أين تكمن صناعة الدراما الحقيقية
  • بدأ في صناعة فنه الخاص على منصة مجانية احتضنت رغبته مثل اليوتيوب


@Azoz_Alzamil