الرأي

لنا الله.. تصدق وإلا أحلف لك؟!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
إبراهيم خفاجي ليس أفضل شاعر أو كاتب أغنيات في السعودية، لكنه كان قريبا من القلب أكثر من أي أحد آخر.

عاش تسعة عقود ثم رحل جسدا لكنه سيعيش في وجدان الناس أكثر من ذلك بكثير، في كل صباح وعلى كل بقعة في المملكة حين يقف التلاميذ يرددون النشيد الوطني فإن شيئا من إبراهيم خفاجي سيكون موجودا.

سيكون موجودا في المباريات وفي المدرجات وفي المناسبات وفي الاحتفالات، وستبقى كلماته من أول الأشياء التي يتعلمها الصغار ويتلعثمون فيها ويخطئون ثم تصبح في حياتهم شيئا يشبه أسماءهم.

هذا الخلود هبة إلهية، فالراحل الطيب لم يكن أكثر الشعراء قدرة على صياغة النشيد الوطني، ولم يكن الأكثر حظوة ولا الأقرب من صناع القرار. لكن الله أراد أن يبقى اسمه وتبقى كلماته ترددها الأجيال.

وسيبقى شيء من خفاجي في أيام الناس الجميلة، وفي كل عيد حين يردد الناس كلمات أغنية «ومن العايدين» كما يفعلون منذ عقود، فإن ذكرى خفاجي ستكون أول العائدين.

الكلمة البسيطة السهلة غير المتكفلة والتي تكون مفرداتها دارجة على ألسنة الناس تخلد في وجدان الشعوب حين تغنى أكثر من القصائد العظيمة، وكان خفاجي أستاذا عظيما في هذا الفن وهذا النوع من الكلمات النظيفة السهلة الآسرة.

أحب الناس كلمات أغنيات خفاجي (أنت محبوبي، مرني عند الغروب، مثل صبيا، لنا الله، يا أهل الهوى، تصدق وإلا أحلف لك، أشوفك كل يوم وأروح، سيد أهلي، جيب لي شاهد، ومن العايدين) وغيرها لأنها تشبه أحاديثهم، تشبه كلماتهم، والناس حين يعبرون عن مشاعرهم لا يشترط بالضرورة أن يكونوا شعراء، بل إن التعبير عن المشاعر شعرا فيه تكلف يجعلها تبدو وكأنها غير حقيقية.

وعلى أي حال..

رحم الله خفاجي الإنسان الجميل، الذي كان من أكثر الشعراء السعوديين شبها بالناس وقربا منهم، الذي مر من هذه الحياة بهدوء كما تفعل كل الأشياء الجميلة، الذي مر كالطيف الجميل والنسمة العليلة يشعر بها الناس ولا يرونها، ولذلك كان الذين يعرفون كلمات خفاجي ويحفظونها ويرددونها أكثر من الذين يعرفون اسمه شخصيا.