البلد

من خطب الجمعة

nnnnnnnu0645u0646 u062eu0637u0628u0629 u0627u0644u062cu0645u0639u0629 u0628u0627u0644u0645u0633u062cu062f u0627u0644u0646u0628u0648u064a (u0648u0627u0633)
دروب الإحسان

«صروف الليالي وتقلب الأيام يعقبان المرء تبدل أحوال ونزول شدائد وحلول كرب فيها من الغموم والهموم ما يستحوذ على صاحبها، ويسوؤه في نفسه أو جسمه أو عرضه أو ماله أو بلده، فيضيق بها صدره، ويلتمس تفريجها وكشف ضرها، فيذكر قول ربه الأعلى - سبحانه (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير) فيستيقن أنه سبحانه المنجي من كل كرب، الكاشف كل ضر، المغيث لكل ملهوف، فيتوجه إليه بالدعاء متضرعا مخلصا خاشعا خاضعا مخبتا متحريا أوقات الإجابة، ويتوسل إليه، وإن من أعظم ما يرجى لتفريج الكربة ورفع الشدة في العاجلة، والفوز والنجاة من أهوال يوم القيامة: القيام بحق الله بالإيمان به، والمسارعة إلى مرضاته، والإيمان برسوله - صلى الله عليه وسلم - واتباع سنته، وتحكيم شرعه ومن ذلك: القيام بحقوق عباد الله بالإحسان إليهم في كل دروب الإحسان تأسيا بهذا النبي الكريم - صلوات الله وسلامه عليه، وإن في هذه الإعانة والإكساب للمعدوم تفريج للكرب عن المكروب، ورفع كابوس المحنة عن كاهله، قال - عليه الصلاة والسلام - في الحث على اصطناع المعروف «صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأنه في هذا الإحسان أيضا قيام بحق الأخوة في الدين التي ذكرها الله تعالى بقوله (إنما المؤمنون إخوة) وبقوله (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) وبقوله - صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وفي ذلك تعبير غني الدلالة على أن من مقتضيات هذه الأخوة الإيمانية: تفريج الكربة عن المسلم، والوقوف معه في محنته، وإعانته على بلائه رجاء ما ورد في ثواب ذلك من الموعود والجزاء الصافي والأجر الكريم، فجزاء التفريج في الدنيا تفريج في الآخرة، ولا مساواة بين كرب الدنيا وكرب يوم القيامة، فإن شدائد الآخرة وأهوالها جسيمة عظيمة، فكان ادخار الله تعالى جزاء تفريج الكرب الدنيوية ليفرج بها عن عباده كرباتهم يوم القيامة حين يكون الإنسان أحوج ما يكون إلى فضل الله ورحمته، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء».

أسامة خياط - الحرم المكي

محو السيئات


«إن من أبواب الخير ومن طرق الصالحات والطاعات ومن الأسباب لمحو السيئات الاستغفار، فالاستغفار سنة الأنبياء والمرسلين، عليهم الصلاة والسلام، وكان من هدي نبينا - صلى الله عليه وسلم: كثرة الاستغفار، مع أن الله تعالى غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، والاستغفار درب الصالحين، وعمل الأبرار المتقين وشعار المؤمنين، وطلب المغفرة من الرب - جل وعلا وعد الله عليه الاستجابة والمغفرة ويشرع أن يطلب العبد المغفرة للذنب المعين؛ ويشرع أن يطلب من ربه - سبحانه - مغفرة ذنوبه كلها ما علم منها وما لم يعلم، فإن كثيرا من الذنوب لا يعلمها إلا الله، والعبد مؤاخذ بها، والمؤمن إذا سأل ربه مغفرة ذنوبه ما علم منها وما لم يعلم فقد وفق توفيقا عظيما لقول النبي صلى الله عليه وسلم «الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل»، ويجب أن يكون دعاء العبد ربه بمغفرة الذنوب دعاء إخلاص وإلحاح وسؤال تضرع وتذلل، يتضمن التوبة من الذنوب، وسؤال التوبة والتوفيق لها يتضمن الاستغفار، فكل من الاستغفار والتوبة إذا ذكر كل منهما بمفرده تضمن الآخر، وإذا اجتمعا في النصوص كان معنى الاستغفار طلب محو الذنب وإزالة أثره، ووقاية شر ما مضى من الذنب وستره، وحاجة العبد إلى الاستغفار دائما أشد الحاجة، ولاسيما في هذا الزمان لكثرة الذنوب والفتن، ليوفقه الله في حياته وبعد مماته، ويصلح شأنه، مشيرا إلى أن الاستغفار باب خيرات، ودافع شرور وعقوبات، والأمة بحاجة شديدة إلى دوام الاستغفار، ليرفع الله عن الأمة العقوبات النازلة، ويدفع العقوبات المستقبلة، فبالاستغفار ترحم الأمة، وكثرة استغفار الأمة رافع لما نزل ووقع، ودافع لما سينزل لأنه ما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة واستغفار».

علي الحذيفي - الحرم النبوي