عقيدة التصريف!
سنابل موقوتة
الثلاثاء / 3 / ربيع الأول / 1439 هـ - 21:15 - الثلاثاء 21 نوفمبر 2017 21:15
أكتب بشكل يومي منذ أربع سنوات تقريبا، وفي مثل هذا الوقت من كل عام تكون أفكار الموضوعات سهلة ولا تحتاج لعصف ذهني ولا تركيز ولا تحليل ولا مراقبة الخطوط الحمراء ولا أي خطوط من أي لون.
كل ما عليك ككاتب يومي مستنزف إلى آخر قطرة أن تلجأ في مثل هذه الأيام المباركة إلى الكتابة عن الأمطار وتصريف السيول. هذه الخطة ناجحة تماما وتسير الأمور على ما يرام وتكون واثقا أنك لن تواجه مشكلة في موضوعات مقالك اليومي بعد سنة من الآن.
خبر مثل هذا (سيبدأ قريبا العمل في مشروع تصريف مياه الأمطار في مدينة جدة...إلخ) من المؤكد أنك ستجد نسخة منه في كل الصحف على مدار السنوات التي طبعت فيها الصحف، ستجده في صحيفة طبعت قبل استخدام الألوان، وستجده اليوم في خبر تبثه صحيفة من خلال حسابها في تويتر. وقد وجدت هذا الخبر منشورا في المرحلة التي كان فيها والدي يحاول إقناع جدي رحمه الله بخطبة أمي.
كنت قلقا من عدم قدرة والدي على إقناع والده، ولكنه استطاع فعل ذلك فيما يبدو، لكن الأمر الذي لم يثر قلقي هو أن تصريف السيول وشتم من تسبب في ذلك أمر يمكن ممارسته كل عام.
هذا ليس شيئا سيئا بالطبع، فالعادات والتقاليد تنشأ من خلال ممارستها ثم اعتياد الناس عليها حتى يصبح الفكاك منها بعد فترة من الزمن أمرا ليس صعبا فقط ولكنه من المحظورات التي لا يجوز حتى مناقشة فكرة التخلي عنها. وقد أصبح الحديث عن تصريف السيول موروثا شعبيا وفلكلورا يمارسه الناس في مواعيد منتظمة كل عام. وأصبح لدينا أمثال وحكم تدور حول ذات الموضوع، ولذلك فإن التخلي عن كل هذا الإرث الثقافي والمعرفي أمر ليس بالسهولة التي يتخيلها البعض.
وتجذر الموروث الشعبي وتعلق الناس به قد يكون سببا بعد حين من الدهر في ظهور طوائف تعتنق تلك الموروثات كدين وعقيدة راسخة ـ كما حدث في موروثات أخرى ـ وهذا يعني أنه وحسب هذا التسلسل ربما يأتي من بعدنا أقوام يفسقون من يطالب بحلول لتصريف السيول والقضاء على الفساد الذي تسبب في تحويل الأمطار من نعمة إلى نقمة، بحجة أن هذا ما وجدوا عليه آباءهم الأولين. أما من يحل المشكلة فعلا فقد يعتبر كافرا لا شك في كفره بدين تلك الطائفة التي تعبد موروثها.
وعلى أي حال..
رغم الراحة التي أجدها في الحديث عن هذا الموضوع إلا أني متفائل بأن الحكومة ستفسد علي هذه الراحة السنوية في الكتابة، والتوجه الجديد يصب في هذا الاتجاه. ولا أتمنى أن يكتب حفيدي مقالا في صحيفة مكة بعد ثلاثين عاما يقول فيه إن جده كان أيضا يكتب عن ذات الموضوع سنويا.
@agrni
كل ما عليك ككاتب يومي مستنزف إلى آخر قطرة أن تلجأ في مثل هذه الأيام المباركة إلى الكتابة عن الأمطار وتصريف السيول. هذه الخطة ناجحة تماما وتسير الأمور على ما يرام وتكون واثقا أنك لن تواجه مشكلة في موضوعات مقالك اليومي بعد سنة من الآن.
خبر مثل هذا (سيبدأ قريبا العمل في مشروع تصريف مياه الأمطار في مدينة جدة...إلخ) من المؤكد أنك ستجد نسخة منه في كل الصحف على مدار السنوات التي طبعت فيها الصحف، ستجده في صحيفة طبعت قبل استخدام الألوان، وستجده اليوم في خبر تبثه صحيفة من خلال حسابها في تويتر. وقد وجدت هذا الخبر منشورا في المرحلة التي كان فيها والدي يحاول إقناع جدي رحمه الله بخطبة أمي.
كنت قلقا من عدم قدرة والدي على إقناع والده، ولكنه استطاع فعل ذلك فيما يبدو، لكن الأمر الذي لم يثر قلقي هو أن تصريف السيول وشتم من تسبب في ذلك أمر يمكن ممارسته كل عام.
هذا ليس شيئا سيئا بالطبع، فالعادات والتقاليد تنشأ من خلال ممارستها ثم اعتياد الناس عليها حتى يصبح الفكاك منها بعد فترة من الزمن أمرا ليس صعبا فقط ولكنه من المحظورات التي لا يجوز حتى مناقشة فكرة التخلي عنها. وقد أصبح الحديث عن تصريف السيول موروثا شعبيا وفلكلورا يمارسه الناس في مواعيد منتظمة كل عام. وأصبح لدينا أمثال وحكم تدور حول ذات الموضوع، ولذلك فإن التخلي عن كل هذا الإرث الثقافي والمعرفي أمر ليس بالسهولة التي يتخيلها البعض.
وتجذر الموروث الشعبي وتعلق الناس به قد يكون سببا بعد حين من الدهر في ظهور طوائف تعتنق تلك الموروثات كدين وعقيدة راسخة ـ كما حدث في موروثات أخرى ـ وهذا يعني أنه وحسب هذا التسلسل ربما يأتي من بعدنا أقوام يفسقون من يطالب بحلول لتصريف السيول والقضاء على الفساد الذي تسبب في تحويل الأمطار من نعمة إلى نقمة، بحجة أن هذا ما وجدوا عليه آباءهم الأولين. أما من يحل المشكلة فعلا فقد يعتبر كافرا لا شك في كفره بدين تلك الطائفة التي تعبد موروثها.
وعلى أي حال..
رغم الراحة التي أجدها في الحديث عن هذا الموضوع إلا أني متفائل بأن الحكومة ستفسد علي هذه الراحة السنوية في الكتابة، والتوجه الجديد يصب في هذا الاتجاه. ولا أتمنى أن يكتب حفيدي مقالا في صحيفة مكة بعد ثلاثين عاما يقول فيه إن جده كان أيضا يكتب عن ذات الموضوع سنويا.
@agrni