الرأي

وإذا خلوا إلى شياطينهم

محمد أحمد بابا
جبلت دواخل الأرواح على الصلاحية لأي تمرد على الفطرة أو الطبيعة بما أودع فيها من إمكانيات الكذب أو النفاق أو المداراة، ومن المشاهد في شواهد الحاضر وإرث الماضي أن طريق الخروج بالسلامة الحسية الوقتية من سيطرة الولاية أو القوة أو التجديد عند البعض هو أسلوب المراوغة وميوعة الموقف، ولو بالإقرار اللفظي اللحظي على حساب تصرفات في الخفاء تنتظر ساعة مقتل لتعلن عن سوء نفسها حيال شيء أو أمة أو تصورات.

والفاعل في كل هذا الشتات النفسي لدى من يتبنون هذه الفكرة هو تلبس النفس صورة الضحية والضعف والاستظلام حتى تسوق تلك الأحاسيس للنفس الماكثة تحت هيمنة الشيطنة أن هذا التخالف بين الداخل والخارج له من المسوغات ما يجعله خارطة طريق لعمل أو استراتيجية ثقافة لمنهج.

وحين وجدنا أنفسنا من كثرة (زن) حين ينفرد بنا من له غاية في جذب أصواتنا عن بعض قناعتنا فنحن إذن في احتمالية خطر الخلوة الفكرية واقعون، وهم في احتمالية شيطنة الثوابت خائضون.

وكثير من علامات الموافقة الظاهرية ماثلة للعيون المحضة حين تكشف المواقف بالأحداث أو المستجدات أو الطوارئ، وما تكنه النفوس يخرج يوما ولو في ساعة خلوة مع شياطين الإنس أو الجن، فهم يوحي بعضهم لبعض زخرف القول غرورا للمريدين أو التابعين.

وفلسفة تكرار الولاء للقاهر فوق تابعيه موجبة لتأكيد التبعية حين الخلوة النفسية بما تضمره القلوب ليكون من كل نفس - هكذا ترى - مثلها يقول لها إني معك إنما كنت مع غيرك مستهزئا ولاعبا ومواربا.

ومن المحاذير في اعتقادي أن نخشى من خلوة رجل بامرأة أجنبية كما نخشى من الأسد، ولا نخشى من خلوة شيطان إنسي بزبونه حيث لا وارد من معلومات إلا منه فينتهي الاجتماع بتأصيل الولاء النفسي الحقيقي، مع التصريح والترخيص بالنفاق الطاهري كمهنية تعامل مع غير ذلك الشيطان وأمثاله حتى تنجح المؤامرة الكبرى ويزيد المتربصون.

وأزعم بأن استهداف النفوس ببث أسلوب التخفي بالمضمر من السوء أعظم خطرا من الاستهداف الظاهر من التحريض والمنكر، والبحث عن مهارات وقدرات ومسالك علمية عملية لمعرفة العلامات على خفايا النفوس المارقة مهمة جديرة بالاهتمام والدراسة، وبذلك أعتقد لو نجحنا سيقول أولئك يوما إذا خلوا إلى شياطينهم إنا منكم بريئون فقد هدى الله نفوسنا للحق القويم.

ولربما حين يقال لأحدهم: راجع نفسك، أو هو يقول: جلست مع نفسي فتلك خلوة مستهدفة التشويه ما لم ترتبط ببصيرة هي من القاعدة القرآنية بمكان.

وأهم ما في هذا الأمر من يتقصد بنا (كلمة راس) أو (أبغاك في موضوع) ونحن غائبو أسلحة تقص ومحرم تفكر فتمتثل العدوى أن نقول لكلا الفريقين: إنا معكم في خلوة شياطين.

albabamohamad@