تفاعل

إلا البراميل!

فارس محمد عمر
حقول شاسعة للتدريب والمران وللتعليم والتأليف. منافذ واسعة عدة تخرج أشكالا ووجوها وأصواتا، تهتبل الفرص لتجوب العالم اختيالا وتقتحم البيوت غرورا. أبنية وبساتين، قمم وقيعان، قطع ترابية وصخرية، أتيحت لتجارب الخرق والنبش والتفتيت والحرق. ما أكثر المستفيدين من محاولات الإنقاذ في بيئات صعبة وعمليات جراحية لإصابات غريبة، حتى تمسي عندهم مألوفة وتكتب بأسمائهم، فالعينات مشاعة لمن شاء وقتما شاء، والمتحمسون منتشرون من أمم شتى، يتقنون رسم الخرائط ومقايضة القرى والمدن.

كل شيء جائز. بحوث وتقارير وإحصاءات تعمل وتكتب وتصور وترسم ثم تنشر، تثبت أن مصائب قوم عند أقوام فوائد. مراسلون ومصورون ومخرجون ومرجفون، يتقافزون متنافسين من ساحات كانت معمورة مثمرة، من مرتفعات ووديان ومياه وبقاع كانت مطمئنة، من مسارح لتجارب مصانع المتفجرات والأسلحة والمدافع والدبابات والطائرات والقنابل، أصحابها وتجارها ووسطاؤها يعيشون بها ولها.

كل شيء جائز في سوريا الممزقة، إنقاذ رهط وإغفال جماعات، إبادة قطع عزيزة جميلة من حاضر وتاريخ الإنسانية، محو مجلدات إبداع وإنتاج وآداب وعلوم، قتل أفذاذ وعلماء وتشريد أمة عظيمة، حتى بيوت الله دكت. كله جائز وحاصل إلا البراميل والكيماوي والغاز، لا تقربوها فهي محرمة! ما أتفه وأحقر المتكلمين بهذا، وما أحرى أن يرموا بين البهائم. تنوع الاتجار والجرم والذبح والتدمير والبتر، ويتبجحون بلفت الناس إلى تحريم بعضه! مهازل ضاعت فيها الإنسانية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.