الرأي

ما بعد السماح بالقيادة

آلاء لبني
الشكل الاجتماعي للمجتمع السعودي ستلحقه الكثير من المتغيرات بعد (اليوم التاريخي) إثر قرار السماح للمرأة بالقيادة، تنوع الآراء بين التقبل والتخوف هو أمر طبيعي فكل المستجدات واجهت الاعتراض، قضية عدم تقبل تعليم البنات إلى تحريم العديد من الأمور الحديثة ووسائل التقنية والتكنولوجيا كالراديو والتلفزيون وصحون الاستقبال وجواز تكسيرها! التصوير وتحريمه وتسابق من حرمه على استخدامه، فالضرورات تبيح المحظورات! والهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، ثم عدول جمع غفير منهم عن العديد من الأمور والمسلمات، التي منعت وحجبت من باب سد الذرائع، أو من باب عدم التعود والاستهجان.

تحريم الحلال أو التحريم الاجتماعي من الصور الاجتماعية التي شهدت خلال السنوات الماضية تحولات جذرية عديدة.

ارتأت الحكومة وقف الجدل والخلاف في قضية القيادة. المرأة كالرجل لها الحرية المطلقة بالتحرك واستخدام وسائل المواصلات، والأصل هو الإباحة في موضوع القيادة كما ذكر العديد من العلماء.

أما التحريم فلا علاقة له بالدين وليس له نص في القرآن أو السنة وهو تحريم اجتماعي ظل يتحكم كثيرا في المجتمع.

القرار اختياري وليس إلزاميا!

وكل أسرة تختار ما يناسبها حسب ظروفها وقناعتها، يكفي أنه سيساهم في تخفيض أجرة السائقين!

أما الحشمة والعفاف والحجاب فلا علاقة لها بموضع الجلوس خلف المقود أو خلف من يقود المقود، فما هو الفرق لتفقد حشمتها؟

العبارة المنتشرة بوسائل التواصل (ستقود المرأة إن لم يكن هناك رجال)! فيها تحريم الانتفاع وإنكاره لمن لهن حاجة، من أراد أن يقوم بخدمة أهل بيته بشكل كامل فهو حر، ولكن رأيه لن يلزم به غيره. ضع ثقتك بزوجتك وأختك وابنتك فإنهن أهل للمسؤولية والحرية التي ستعطى لهن.

ألا تشارك النساء في العمليات الجراحية، وكيف تكون هيئتها من لباس يلتزم به جميع الأطباء لدواعي السلامة والتعقيم، من المسلمات إعطاء الثقة للناس ليساعدهم على الإنتاج والإنجاز والوصول إلى المكانة والثقة التي منحت لهم، أما التشكيك والاستهانة فعواقبهما وخيمة.

خلق الله الكون بشكل متناهي الدقة وبقدر معلوم وموزون، ومهد للإنسان الأرض وجعل من سنن تدبيره أسرارا عرفنا بعضها وجهلنا معظمها، أحل الله الطيبات من ألوان الطعام مع هذا يصاب الإنسان بالتخمة والسمنة إن أكثر واستكثر، معظم الأمور التي حولنا تحوي المنفعة والمفسدة أو بالأحرى لها جانب سلبي وجانب إيجابي، وقيادة المرأة مثل كل أمورنا فيها الجانبان كلاهما، وليس من المعقول مثلا أن أمنع ابني من القيادة خوفا من الحوادث، وليس من المعقول أن أمنع ابنتي من مسك السكين خوفا من قطع يدها! حالة التخوف والهواجس من أمور لم تحدث وتناسي

المنافع، تجلب القلق وتحرم الاستمتاع بالحياة الطبيعية.

ما بعد السماح بوصلة الاتجاه يجب أن تتحول من الجدال إلى ما بعد القرار، كيف ننتقل من الوضع الحالي إلى التغيير؟ ماذا نحتاج من اللجنة المشكلة على مستوى الوزارات المعنية لدراسة الترتيبات اللازمة؟ القائمة طويلة والعديد من الإشكاليات التي يجب أن توضع بالحسبان، ليست الطريق ممهدة بالورود لتستقبل سيارات النساء؟! فلنبدأ بالأهم فالمهم، نحتاج لآلية وإجراءات قوية تترافق مع السماح للمرأة بالقيادة، تلزم الطرفين كليهما بالآداب العامة، الظواهر السلبية موجودة ويجب ألا نتغافل عنها ولا ندعي الملائكية.

تحديث الأنظمة والقوانين ومن أهم القضايا: قوانين حماية المرأة ومنع التحرش (التي وجه بسنها الملك سلمان خلال ستين يوم) لتحظى المرأة بالحماية الكاملة في الطرقات، ومواءمة القوانين المرورية كتقديم خدمات الطرق الخاصة بالنساء، تفعيل الثقافة المرورية النسائية، مراكز احتجاز نسائية مرورية، استثناء المرأة من التوقيف من بعض المخالفات حسب نوعها ودرجتها واستبدالها بدفع مبلغ مالي أعلى مثلا.

اليوم ليس كالأمس والتغيير قادم.

Alalabani_1@