تفاعل

لا تجعل جوالك يدمر حياتك

دخيل سليمان المحمدي
بعد أن أصبحت وسائل الاتصال الحديثة في متناول الجميع، تغيرت بسببها الكثير من عاداتنا الاجتماعية، حيث طوقت معظم مستخدميها بسور العزلة. فكيف تسمى (تواصل اجتماعي) بالرغم من أنها هي السبب في تباعدهم عند اجتماعهم.

فعند حضورك أي اجتماع غير رسمي سواء كان في البيت أو الاستراحة أو حتى في الشارع، أريد منك أن تأخذ من وقتك الثمين لحظات تأمل في الحاضرين ستجد أغلبهم جل أنظارهم متمركزة ومتصلبة صوب شاشات جوالاتهم تائهين في عالم آخر متناسين ما حولهم.

للأسف الشديد هذه حقيقة اجتماعية وأسرية وفردية نعيشها ونشاهدها بأم أعيننا في كل لحظة وفي كل مكان وفي كل مناسبة، وذلك لأننا فعلا وصل بنا هذا الشغف إلى حالة الإدمان الذي أصبح يشكل تهديدا جادا وفتاكا في عملية التواصل المباشر بين أفراد المجتمع. بل وصل بنا الإدمان إلى استخدام الجوال ونحن نقود سياراتنا في الطرق السريعة والشوارع الضيقة معرضين أنفسنا ومن حولنا للخطر، فلو عدت لحظات التأمل عند وقوفك أمام الإشارة المرورية بمن حولك ستجد أكثر من نصف قائدي السيارات التي بجوارك ومن يصحبهم بنفس الحال الذي شاهدته في ذلك الاجتماع.

إن الانشغال بالهواتف الذكية يأخذ منحنى خطيرا جدا في تأثيره على أفراد المجتمع لما يسببه من تشتيت التفكير والعزلة وخلق حلقة مفقودة في التواصل المباشر مع الآخرين، ففي دراسة ثبت أن استخدام الهواتف الذكية المفرط يفسد حياة 44% من الأسر السعودية، ولهذا ينبغي أن نقنن استخدام هذه الأجهزة بعقلانية واتزان وتنظيم لنتفادى الأضرار والسلبيات، حيث إن المشكلة ليست في استخدامها بل في كيفية الاستخدام.

هل تعلم أن هناك دراسة أجراها فريق عمل طلاب الماجستير في جامعة الملك سعود وأثبتت أن ما يقارب 79% من المشاركين يعترفون بالآثار السلبية المترتبة على الاستخدام المفرط للجوال وما يعانونه من مشاكل أسرية وتجاهلهم لواجباتهم المنوطة بهم كأرباب أسر، فبهذا تتفاقم المشكلة وتتعاظم حيث ينطبق قول الشاعر:

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة

وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.