تفاعل

تغير أفكار المجتمع خلال 10 سنوات

حمود الباهلي
قبل أسبوعين، كنت في جلسة مع مجموعة من الأصدقاء وتشعب بنا الحديث حول بعض الآراء الفقهية التي كان كثير من أفراد المجتمع متحمسا لها بضراوة ثم تغير موقفه خلال 10 سنوات.

ضمن الآراء الفقهية التي تغيرت:

(ربط الكوارث الأرضية بالمعاصي، دراسة القانون، العمل في البنوك، التساهل في تكفير الفرق الإسلامية، دعم الحركات القتالية، كشف الوجه للنساء، قراءة كتب الفلسفة، الاحتفال باليوم الوطني، الاحتفال بيوم الميلاد، قيادة المرأة للسيارة، قضاء الإجازة في البلاد الغربية، التصوير اليدوي والفوتوجرافي لذوي الأرواح، لبس البنطلون للنساء، الاختلاط، وصلنا إلى 13 مسألة وبقي عدد منها...)

تغير أفكار وتصورات المرء الفقهية دليل حيوية فكرية، وحدهم الموتى والحمقى هم الذين لا يغيرون آراءهم، لكن اللافت في التحول:

1) أنه في اتجاه واحد وهو التساهل بدلا من التشدد.

2) تم في مدة زمنية قصيرة.

3) شمل شريحة مجتمعية كبيرة تصنف على أنها محافظة.

4) لا يوجد كتاب محدد أو برنامج تلفزيوني أو ناشط اجتماعي تولى عملية التغيير، وقع التغيير على نحو متدرج وشارك به كثر.

في المجال الفكري، التحول في قناعة فكرية معينة يقود للتحول في القناعات الفكرية المرتبطة بها.

لما تكتشف أن من حرم دراسة القانون ونشر رسائل كفر القوانين الوضعية، لم يكن أمينا في عرض المسألة فقهيا، وأنه لما تجرأ آخرون بعده وبينوا أن السماح بفتح أقسام القانون بأنواعه في الجامعات وتواجد محامين في المحاكم لا حرج فيه شرعا، تسأل نفسك ماذا عن بقية الآراء الفقهية التي تشدد فيها المجتمع ولم يكن يسمح بالنقاش حولها؟ كم أحتاج من الوقت كي أكتشف التحيز الفقهي؟

سألني دكتور أسترالي متخصص في الإرهاب عن التطرف في المجتمع السعودي، قلت له: لا يوجد عندنا تطرف بالمعنى المتعارف عليه في الأوساط العلمية، لكن كان يوجد تشدد فقهي (سابقا قل الآن) في جوانب اجتماعية ودينية عديدة، هذا التشدد بيئة خصبة لمن لديه نوازع تطرف لأن يتطرف.

أكثر ما استفدته من تجربة التغيير الكبيرة هذه، ألا أندفع كثيرا في الدفاع عن قول فقهي مهما كان من حولي متحمسا له ويعتبره (الحق الذي لا مجمجة فيه) حسب تعبير ابن سينا.