الرأي

إلى معالي وزير العمل

قال المفتش بتعال: «ادفع ثم اشتك» -العبارة الشهيرة التي يتذمر منها أصحاب العمل بعد أن يدفعوا وقبل أن يتقدموا بشكوى رسمية، إن اشتكوا. خاصة فيما يقع تحت المخالفات ذات التعريف الفضفاض والتي قد تستغل من قبل بعض المفتشين لفرض سلطة وتحقيق قيمة أو تحصيل المكاسب الشخصية أيا كانت.

من هذه المخالفات المنصوصة في لائحة المخالفات الخاصة بنظام العمل، المخالفة رقم 30 والتي تنص على «عدم التزام العاملة بضوابط الحجاب الشرعي المحتشم». فيما قد يكون الغموض في النص مقصودا بنية عدم التضييق، لكنه (أي الغموض) كما هو معلوم سلاح ذو حدين، وأعتقد أنه لدينا تجارب تفي لتبقينا على يقين بأن الحد الآخر سوف يستخدم بلا شك، وفي الغالب يستخدم أكثر من الحد المقصود. فما المقصود بالحجاب الشرعي المحتشم وما تعريفه؟ الجواب هو أنه لا يوجد تعريف واحد، وهو موضوع اختلاف بين جميع أطياف المسلمين وبين أفراد الأطياف أنفسهم. فهل يعقل أن نترك تعريف المخالفة ليحدده صاحب عمل قد يكون متطرفا، أو مفتشا قد يكون أيضا متطرفا أو غير أمين، لا سيما وأن هناك من يجد أن عباءة الكتف بحد ذاتها ليست محتشمة، وأن كشف الوجه ليس شرعيا، وأن الأسود هو اللون الشرعي!

وبينما يتم تقييم الموظف على أساس جهده وعمله، يدخل عامل إضافي أيدلوجي في تقييم الموظفة وكأنها بحاجة إلى مزيد من العوائق لتضاف في قائمة عوائق العمل من مواصلات وحضانات ومسؤوليات الأمومة والزوج والمنزل. تحكي لي موظفات عن فرض أصحاب العمل للحجاب الأسود دون غيره من الألوان، الأمر الذي ليس له سند شرعي من الأساس ناهيك عن أن يفهم بأنه هو المقصود بالحجاب الشرعي المنصوص عليه في المخالفة، وعما يردهن من تحذيرات رسمية مكتوبة ثالثها ينذر بالفصل في حال تجرأن وقدمن للعمل بحجاب رمادي أو كحلي ناهيك عن الألوان الأفتح! وكما قد يعزى ذلك إلى تزمت صاحب العمل واجتهاده الشخصي، يبرر آخرون بأن بعض مفتشي العمل يحتسبون ذلك كمخالفة، وأن الموضوع لا يستحق المخاطرة، خاصة وأن الغرامة تتضاعف بتكرار المخالفة كل مرة، وفي ذلك مصائب لقوم، وفيه فوائد لقوم آخرين.

ومما يجدر ذكره أن هذا النوع من التحذيرات والإنذارات والمخالفات لا يطبق إلا على الموظفات السعوديات، بينما يغض الطرف عن الأجنبيات بلا غطاء رأس، فيما يبدو وكأنه تضييق على المواطنات ووصاية دينية لا علاقة لها بالعمل ولا بكفاءتهن وأدائهن.

ومن هذا المنطلق أقترح على وزير العمل أن يتخذ خطوة تتسق مع رؤية المملكة في التقدم والتطور والانفتاح على مختلف الثقافات والانتماءات لتحقيق النهضة الحضارية التي طال انتظارها، والنمو الاقتصادي المنشود والذي يأخذ بالاعتبار تمكين المرأة وتفعيل دورها في بناء الوطن، وذلك بتذليل الصعوبات وإزالة العوائق غير المبررة والتي تفرض على العاملة ما لا تفرضه على زميلها العامل. تحديدا يزال بند رقم 30 و31 من لائحة المخالفات ويستبدل ببند يشترط اللبس الرسمي اللائق بمكان العمل والمتعارف عليه محليا (كالثوب والعباءة)، أو المتعارف عليه في مجال العمل (كالبالطو الطبي والبدلة الرسمية أو البالطو كزي موحد)، وذلك للجنسين بدون إعطائه صبغة أيدلوجية وتمييزا على أساس الجنس والجنسية، والتدخل في علاقة الموظفات بربهن وكيف يفضلن حجابهن.

tamadoralyami@