تفاعل

الكشافة وثقافة التطوع في خدمة الحجيج

توارث أهل الحجاز عامة وأهل مكة على وجه الخصوص شرف خدمة ضيوف بيت الله الحرام كابر عن كابر، حتى غدت ثقافة التطوع هذه هي الجزء الذي لا يمكن أن يتجزأ من جوهر وكينونة الشاب المكي.

فقد ترسخت هذه الثقافة مع تكرار التجربة ومرور السنين وامتدت لتكون رافدا من روافد الخير التي انفردت بها أم القرى عن كل مدن العالم إلى أن تبلورت ثمرة تلك التجربة في صفوة من خيار كشافة المنطقة هذا الفريق الذي يحمل على عاتقه تكاليف خلاصة العمل التطوعي بشمولية الدعم والمساندة لما يمتلكه من دراية ومعرفة بالعمل التطوعي الميداني أهلته لإحراز مواقع متقدمة في مجال الخدمات والرعاية الصحية والإسعافات الأولية والرقابة والنصح والمشورة، إضافة إلى عمله في رفع درجة الوعي الاجتماعي وتنمية الحالة الثقافية للحجيج أفرادا كانوا أم جمعات، حيث صقلت هذه الكوكبة تلك المعرفة بالخبرات المتراكمة وتعدد الدورات والتدريبات المدنية المكثفة.

والجدير بالذكر أن مؤسسات الطوافة والدوائر الحكومية المرتبطة بشؤون الحج وخدمة الحجيج تعول كثيرا على هؤلاء الشباب بجميع فئاتهم العمرية، فالدقة والمهارة والتمرس في مجال التوجيه والإرشاد كانت من ضمن المسوغات والمساعي التي ارتكزت عليها في إسناد أقسى المهمات والأنشطة والتي بدورها عززت من بناء صورة مشرفة لشباب الحرم.

هذا العمل التطوعي تأتي أهميته من دافع ومنظور شرعي بالمقام الأول كمحرك ودافع مؤازر للانخراط في المساعي الدالة على الخير ومناقبها الجليلة، فسلسلة الأحاديث النبوية التي تدعو إلى الترغيب في الأعمال الخيرية وتحث على التكاتف ومساعدة الغير في أكثر من موضع كانت وما تزال أحد الأسباب التي حفزت وأشعلت روح الحماس فيهم.

ومع توافد الحجيج إلى مشاعر مكة المكرمة تنشط هذه الفئة بما ينسجم مع روحانية المكان وعظمة الزمن، بالإضافة إلى أسباب وأهداف أخرى ثانوية لا تقل أهمية عن الهدف الأول من حيث المبدأ، فبذل الجهد والوقت وربما المال دون انتظار عائد أو مردود مادي كاف للشعور المنبثق من ارتياح النفس في سبيل خدمة ضيوف بيت الله الحرام.