تفاعل

أعشاب لا تضر!

ناصر عليان الخياري
هذه المعلومة أودت بحياة الكثيرين، وفي أفضل الحالات أدخلتهم المستشفيات في حالات خطيرة، هذه المعلومة يتداولها الناس كمعلومة موثوقة، رغم أن لا مصدر طبيا لها، فالقاعدة المعروفة أن لا دواء يخلو من الآثار الجانبية، وأن لكل دواء جرعة محددة، وطريقة استعمال محددة.

في عالم العطارة حيث يسبح الخلق في أكوام من الأعشاب والخلطات والزيوت بلا وعي وبلا دراية بطبيعتها وخصائصها واستعمالاتها، تابعت قبل سنوات برنامجا مفيدا تعرضه الإخبارية آنذاك يستضيف الدكتور جابر القحطاني أستاذ علم العقاقير بجامعة الملك سعود، فقد كان يبين علميا فوائد العديد من الأعشاب، وطريقة استخدامها، والأخطاء الشائعة في استعمالاتها، ويجيب عن أسئلة المتصلين، ويحذر من استعمال بعض الأعشاب لأمراض معينة، فقد ساهم البرنامج آنذاك في رفع درجة الوعي فيما يتعلق بالتداوي بالأعشاب والمخاطر المصاحبة للمعلومات المغلوطة الشائعة عنها.

الأسبوع الماضي قامت حملة مكونة من أمانة الرياض وهيئة الغذاء والدواء ووزارة التجارة بتفتيش محلات العطارة، وهذه الحملة حسبما ظهر في قناة الإخبارية ستعمم على بقية مدن المملكة. من الطوام التي يمارسها من لا يخافون الله هي الادعاءات الطبية الكاذبة كخلطات التنحيف، والتسمين، وعلاج السرطان، وأمراض القولون، وتلك التي يضحكون بها على النساء كخلطات التبييض، رغم أن العاقل يعي تماما أن تلك ادعاءات غير صحيحة، لكن المريض يبحث عن قشة شفاء يتعلق بها.

أحدهم استعمل إحدى خلطات التنحيف، فتوقفت الكلى عن العمل ليمضي أسبوعا بالعناية المركزة. وإحداهن أرادت الجمال عنوانا لبشرتها فاستعملت خلطة التبييض لتصبح زائرة دائمة لعيادة الجلدية بسبب التشوهات الجلدية التي سببتها تلك الخلطة الملعونة. كنت ذات مرة عند أحد العطارين الخبراء، فجاءت امرأة معها بقايا من عشبة مطحونة تريد مثلها، فسألها «كيف تستخدمينها؟» فأجابت «أضعها في الحليب ثم أشربها»، فصاح عليها «هذه تستخدم استخداما خارجيا فقط للجلد ولا تشرب فشربها يضر بالكبد!».

(أعشاب إن لم تنفع فلن تضر) معلومة مغلوطة وغير صحيحة، ينبغي أن نعي أن للأعشاب أصنافا متنوعة، بل إن بعض الأعشاب سامة، وبعضها يضر بالكبد، كما أن لها مدة استعمال محددة، فمن الخطأ الاستمرار على استعمال عشبة فترة طويلة من الزمن. من أقل درجات الوعي ألا نستعمل ما يروجه تجار العطارة، خاصة تلك التي تتعلق بصحة الإنسان، وكذلك ألا نقدم على استعمال أي عشبة، أو شراء أي منتج من محلات العطارة دون البحث عنه وتحري المعلومات الصحيحة من المصادر العلمية التي أصبحت متاحة بفضل الانترنت.