مستقبل الاقتصاد الوطني للمملكة
يعتبر اقتصاد المملكة العربية السعودية من ضمن أقوى الاقتصادات على مستوى العالم بسبب ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الماضية،
الخميس / 26 / صفر / 1436 هـ - 17:15 - الخميس 18 ديسمبر 2014 17:15
يعتبر اقتصاد المملكة العربية السعودية من ضمن أقوى الاقتصادات على مستوى العالم بسبب ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الماضية، وزيادة الاحتياطي النقدي، وانعدام الدين الخارجي، مما جعل المملكة تنضم لمجموعة العشرين الاقتصادية كعضو فعّال وخصوصا في إدارة دفة أسعار الطاقة العالمية. لكن من المعلوم أن الدخل الحكومي السعودي يعتمد وبشكل كبير على بيع النفط بنسبة تتجاوز التسعين بالمئة! كما أن أسعار النفط تهاوت خلال الأشهر القليلة الماضية من 115 دولارا للبرميل إلى ما دون 60 دولارا، وذلك بسبب البدء في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية ودخوله للأسواق العالمية. وهذا سيجعل من الصعب على النفط تجاوز أسعار حاجز الثمانين دولارا على المدى القريب، وذلك بسبب التنافس الشديد الذي يحدث بين النفط التقليدي والنفط الصخري، وكذلك بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي وتراجعه في عدد من الدول الصناعية في أوروبا وآسيا. أما الحقيقة المخيفة فهي أن الاستهلاك المحلي للنفط في المملكة سيرتفع بشكل كبير مع تزايد السكان وتوسع المدن وازدياد محطات تحلية المياه المالحة ومحطات الكهرباء ووسائل النقل والصناعات البترولية، حيث من المتوقع أن يتجاوز الاستهلاك المحلي 7 ملايين برميل من النفط يوميا خلال العقد المقبل! هذه الزيادة في استهلاك النفط محليا ستساهم في تقليل التصدير الخارجي للنفط إذا تمت المحافظة على مستويات الإنتاج، كما أن زيادة العرض بسبب إنتاج النفط الصخري ستؤدي إلى انخفاض الأسعار وذلك للتنافس الشديد مع النفط التقليدي. ولا نستبعد البطء في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة بسبب انخفاض أسعار النفط، وبالتالي انعكاس ذلك على ميزانية الدولة خلال السنوات المقبلة! كما أنه ليس من المتوقع مضاعفة الإنتاج النفطي في السنوات المقبلة لزيادة التصدير والتعويض عن الاستهلاك الداخلي، لأن الزيادة الكبيرة في الإنتاج سيقابلها استنزاف للاحتياطي النفطي للمملكة، مما يؤدي إلى نضوب النفط في وقت أقصر. كذلك لا يمكن الاعتماد كليا على الاحتياطي النقدي للمملكة وهو الملاذ الاقتصادي عند عجز الميزانية، لأن الاحتياطي النقدي لن يعالج المشكلة الاقتصادية إلا لسنوات قليلة! كل ذلك سيشكل تحديات كبيرة وحرجة أمام الاقتصاد الوطني في المستقبل القريب والبعيد! لكن مع ذلك فيمكن المحافظة على قوة الاقتصاد للمملكة بإذن الله تعالى، وذلك بالبدء الفوري بحزمة من الإصلاحات الجادة والحلول الناجعة التي لا مفر من تطبيقها، حتى لا يتعرض اقتصادنا ـ لا قدر الله ـ لنكبات ونكسات لا يمكن التعافي منها! ومن هذه الحلول والإجراءات الضرورية ما يلي: 1 - إنشاء صندوق سيادي كبير يعتمد على الاحتياطي النقدي للمملكة أسوة بالصناديق السيادية الناجحة كالنرويجي والسنغافوري. وقد سبقتنا بعض دول الخليج إلى ذلك. أما شركة «سنابل» للاستثمار فهي صندوق استثماري صغير لا يمكن الاعتماد عليه ولا يتناسب مع حجم المملكة الاقتصادي. 2 - القضاء على الفساد المالي والإداري بشكل نهائي، فالوطن لا يتحمل المزيد من الصدمات! 3 - إدارة المصروفات وتقليلها بشكل لا يربك التنمية. 4 - التوسع في الصناعات غير النفطية بشكل كبير ومدروس. 5 - تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة وأهمها الطاقة الشمسية، وذلك من عوائد الصندوق السيادي. 6 - الاستعانة بالكوادر الوطنية المتخصصة وإعطاؤها قيادة دفة الاقتصاد والصناعة بشكل احترافي.