تفاعل

رياضة الطالبات والتغيير القادم

آلاء لبني
أخيرا أسدل الستار عن نقاش قضية الرياضة البدنية في مدارس البنات، فقد شبعنا من الأحاديث المؤيدة والمعارضة والقرارات والأنظمة هي من تفصل، صدر من معالي الوزير قرار شجاع يقتضي تطبيق برنامج الرياضة البدنية في العام الدراسي القادم.

القرار محمود مع أن معوقات البرنامج ضخمة خصوصا مع فكر الشورى المميز! وإسقاطه توصية بإنشاء كليات للتربية البدنية للطالبات لتخرج كوادر وطنية رياضية متخصصة، فمن أهم الصعوبات توفير كوادر وطنية مناسبة لهذه المهمة، فضلا عن عدم وجود بنية تحتية جاهزة لبدئه على مستوى المؤسسات التعلمية، ناهيك عن المباني المستأجرة والضيقة والساحات غير المكيفة، للأسف الواقع طارد للفكرة، ولكن نأمل أن تخصص لجنة لمتابعة التنفيذ على مستوى المملكة، وإن نفذ على استحياء وفي إطار ضيق في المرحلة الأولى، فإن القرار سيجبر كل الأصوات التعليمية التي تنعق بحرمة الرياضة أو التعفف عن مفاسدها لأسباب واهية كعدم وجود لباس شرعي مناسب لها أن تصمت، وتتجه لتنفيذ القرار.

اتخاذ القرار خطوة للأمام، والخطوة الواحدة إلى الأمام أفضل من الخطوة إلى الوراء.

تطور وتغير قوي خصوصا في بنية وزارة التعليم ذاتها، القرار سيصنع أرضية وقاعدة جديدة، أهمية القرار لا تنطلق من مدى نجاح الفكرة فقط، بل إن القرار يوجه ويغير فكرا، ويقضي على بعض بذور التشدد والتخوف من كل جديد بسبب التقاليد والعرف الاجتماعي.

القرار يلزم التعليم من الداخل أن يتغير، ما زلت أذكر نقاشي مع إحدى المسؤولات في التعليم وهي تصف الرياضة بالأمر السخيف، ولا علاقة له بالسمنة وأن رياضة النصف ساعة لن نستفيد منها إلا الرذيلة والانفلات!

مع العلم أن ذات المسؤولة تسمح لبناتها باستكمال الدراسة بخارج المملكة! طبعا عن نفسي لا أعترض على الرياضة وعلى الدراسة في الخارج كلها أمور طبيعية وحق مشروع للجميع. لكن الفكر الغريب الذي يعشعش في بعض القيادات يدعو للاستهجان، كيف يتم تعميم الأخطاء الفردية على المجتمع بأكمله؟

المنشود أن تدعو القيادات التعليمية النسائية للحركة وتغيير النمط التعليمي القائم لدينا على الجلوس لفترات طويلة على المقاعد، وعلى ضبط الطالبات ومنعهن من التجوال إلا بعد إذن وقصص سخيفة لا تمت إلى التطوير في التعليم بأي صلة، ولا إلى مفاهيم التعليم النشط وتغير المكان الصفي وإدخال الحركة على قدر المستطاع في زمن الحصة.

الرياضة بشكل عام ستزيد من ثقة الطالبات في أنفسهن، كما أنها تنشط العقل بضخ الدم، مما يقوي من مهارات التذكر.

وربما نفلح في محاربة مفهوم الكرسي القاتل والأمراض التي يسببها الجلوس لفترات طويلة، والكسل الذي أصبح ظاهرة بانتشار الرغبة العامة في الجلوس والتعب من أي صعود أو نزول للسلالم في سن الحركة والقوة!

ليت كل واحد منا يحصر أنشطته من الصباح إلى المساء ليقيم نشاطه البدني ومقدار تحركه في الأربع والعشرين ساعة، في بيئة حارة جدا نبحث عن التبريد والجلوس في السيارة حتى لأقرب الأماكن، نجلس في المدرسة، نجلس في المنزل، نجلس بجانب التلفاز نجلس في العمل (إن كان مكتبيا).. إلخ، ما نصيب الحركة من ساعات اليوم ساعتان أو ثلاث، لاحظ ما نصيب الحركة وليس الرياضة!

تخيل حجم المشكلة لدى النساء وثقافتنا بعدم أهمية الحركة في المدرسة وفي المنزل ووجود العاملات المنزليات.. إلخ، كل هذه الأمور لا تتغير إلا في حالة تراكم المعرفة والتركيز على النشاط البدني وأهميته للنساء منذ الصغر.

الرياضة النسائية ثقافة مغيبة عن معظم الفتيات فالبعض يعدها أمرا من أمور الرفاهية، والبعض يعتبرها فقط وسيلة من وسائل تخفيف الوزن، ويتعجبن أن تمارسها رشيقة القوام.

الرياضة أسلوب حياة سليمة صحية، والزمن كفيل بالتغير.

Alalabani_1@