الرأي

الرقابة الصارمة.. يا وزارة الصحة

محمد العوفي
الخطوة التي اتخذتها وزارة الصحة وحظيت بموافقة المقام السامي حول خصخصة خدمات القطاع الصحي، وتحول أداء الوزارة إلى نظام الشركات، بحيث يتم فصل المستشفيات والمراكز الصحية عن الوزارة وتحويلها إلى شركات حكومية تتنافس على أسس الجودة والكفاءة والإنتاجية، خطوة إيجابية في تحسين الخدمات الصحية، لأنها تعني ضمنيا تحول الوزارة من مقدم خدمة إلى دور إشرافي وتنظيمي بحت، بحيث تتفرغ الوزارة إلى دور أكثر احترافية وشمولية، ومرونة أكبر. بالطبع خصخصة القطاع الصحي ستخفف العبء الإداري والمالي عن كاهل الحكومة، وستسهم في الارتقاء بالخدمات الصحية كما نقلت الوزارة في بيانها «إن التحول إلى شركات يهدف إلى تطبيق أساليب القطاع الخاص في الكفاءة ورفع الإنتاجية وتقليل الهدر وسرعة اتخاذ القرار والبعد عن المركزية، وبالتالي تحسين جودة الخدمات وتوفير الخدمات في الوقت والمكان المناسبين»، وأشارت إلى «أن تقديم الخدمات سيكون عن طريق تجمعات تتكون من رعاية أولية ومستشفيات عامة وتخصصية تخدم مجموعة من السكان ويتم تقديم رعاية شاملة ومتكاملة (وقائية وعلاجية وتأهيلية) لهم». بالطبع الخصخصة خطوة جيدة، وقد تكون خيارا أمثل لتجاوز عقبات التمويل، والحد من الهدر المالي، وستكون هناك حوكمة لعملياتها ومراقبة لإنفاقها لأنها ستبحث عن الربح والاستمرارية في ظل منافسة محمومة، وهذا يعني أن الخيارات أمام المريض وأسرته متعددة دون الحاجة إلى البحث عن سرير أو واسطة لتقديم موعد.. وغيرها. وسيكون أمام العيادات والمستشفيات خيار واحد فقط وهو السعي للتميز وتقديم خدمات طبية متميزة لضمان إقبال المواطن على شراء خدماتها، وسيكون البوابة لذلك هو تحسين خدماتها والتزام أعلى معايير الجودة العالمية، وتوفير أحدث الأجهزة الطبية والتقنيات الحديثة التي يحتاجها الأطباء، واستقطاب أفضل الأطباء، وكما سيكون هناك منافسة عالية على الأطباء والكوادر الطبية المميزة. وفي المقابل، قد تتحول إلى تجارة تسعى إلى الربح على حساب جودة الخدمة، وقد يكون هناك تواطؤ واتفاق بين هذه المستشفيات في التحكم في الأسعار والمبالغة فيها كما حدث مع شركات الألبان وشركات الأرز. وفي الجانب الآخر من مهددات نجاح الخصخصة، قيام بعض المستشفيات بإجراء بعض الفحوصات والتحاليل التي لا يحتاجها المريض بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، وللوزارة تجارب سابقة مع الحالات الطارئة التي تذهب للمستشفيات الخاصة، وترسل فواتيرها للوزارة، إذ كشفت تسابق بعض المستشفيات الخاصة إلى إجراء تحاليل وفحوصات لا يحتاجها المريض. نجاح خصخصة الصحة مرهون بقدرة وزارة الصحة على أن تكون مظلة الخدمات الصحية سواء التي تم تخصيصها أو الخاصة تحت إشرافها ورقابتها، للحد من ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، أو استغلال المريض بإجراء فحوصات لا يحتاجها، ومتى ما استطاعت الوزارة تفعيل دورها الرقابي والإشرافي فالخصخصة ستؤتي أكلها، وستحقق للوزارة ما أرادت، وإلا فإنها ستعود إلى نقطة البداية، لا سيما أن هناك قطاعات فشلت الخصخصة فيها، وأعيدت للحكومة كما لو لم تخصخص. @mohdalofi