تفاعل

المبدع وحرية التعبير

إن حرية التعبير قائمة على نقاط عدة، أو جوانب من بينها: أن الإنسان نفسه الذي يريد أن يعبر بجدية لا بد وأن يكون حرا في داخله.. فالحرية الفكرية والعمل على الوعي الثقافي الشمولي يتطلبان من الإنسان أن يهتم بكل ما يتعلق بهذه الحياة من سياسة واقتصاد وفلسفة وغيرها، وبالوقت نفسه أن يختبر أفكاره عبر الحياة ذاتها.. بألا يكون كاتبا ورقيا أو مجرد قارئ ورقي، بمعنى أن يختبر كل ما يتعلمه وما يراه ويكتسب من خلاله خبرة حياته، ومن ثم فحرية التعبير تتطلب الوعي الشمولي، وإلا فما قيمة هذه الحرية إذا لم يكن لكلامي قيمة، وإذا لم يكن قولي نابعا من وعي حقيقي ومتجاوزا أيضا كثيرا من الأشياء، بحيث يضيف شيئا جديدا.

وبعد ذلك أعتقد بأن الحرية هي الشرط الأساسي للتعبير عن كل هذا المكنون الداخلي الكبير، إلى جانب الصدق مع الذات.. فحينما يكون الكاتب صادقا في مواقفه وبعيدا عن النفاق والتلون فهذا يعطي التعبير قيمة، فتصبح حرية التعبير هنا ضرورة لكي يظهر الرأي المهم في ظرف يعاني منه الكثير من المجالات والعلاقات المتشابكة التي ليس لها علاقة بالفكر، ولا أعتقد أن أحدا يستطيع منع الكاتب من قول ما يريد، حتى لو كان ضمن واقع مختلف، لأن ما لا يستطيع الكاتب قوله من خلال مقاله يقدر كتابته عبر الرواية، ويجب على الواقع العربي أن يكون واقعا ديمقراطيا في كليته، يوفر حرية التعبير ويتيح للمبدع إظهار فاعليته وللعطاء الثقافي قيمته وأهميته.