تفاعل

استفهام حول الابتسام

باسم سلامه القليطي
أحد الأصدقاء قلما رأيته يبتسم، وكأن الابتسام في عرفه حرام، فهو دائم التذمر والاعتراض، كثير الشكوى سريع الامتعاض، حاجباه معقودان وملامحه مشدودة، من رآه ظن أن مغصا أصاب بطنه، تجرأت في إحدى المرات وسألته ممازحا: لما لا تبتسم؟! فالتفت نحوي كمن ضرب للتو على قفاه، وقال معترضا: ولماذا أبتسم! وأنا في كل حارة وشارع أتحول إلى أسد جائع، بسبب السيارات المتهورة، ومفاجآت الحفر المبعثرة، وكأني أقاتل في حرب مستعرة، فإن نجوت من إحداها فلن أنجو من الأخرى.وإذا تناقشت مع زميل أو صديق، أصابني الهم والضيق، إن سلم من الكذب لم يسلم من المراوغة، وكأنها من أبجدياته في المناقشة، وإن كان النقاش ضمن مجموعة، تعالت الأصوات، وتطايرت الكلمات، وكانت النيران الصديقة سببا في الإصابات، لذلك كرهت المناقشة والحوار، واكتفيت بما في عقلي من أفكار.وإذا أردت الترفيه وفتحت التلفاز، وبالخطأ مررت على إحدى قنوات الأخبار، شاهدت القتل والتشريد والدمار، وبرامج مسيسة مدلسة باقتدار، وإن انتقلت لإحدى القنوات الرياضية شاهدت فيها كل شيء عدا الروح الرياضية، تعصب، تلفظ، تجريح، عنصرية، إهانة، وضيوف يلعبون دور (الديوك) لإضفاء جو من الإثارة، لزيادة أعداد المشاهدين وجلب الإعلانات، وذلك عذرهم في ممارسة السخافات، وعندما اخترت إحدى قنوات المنوعات الشهيرة رأيت العجب العجاب، دعوة إلى التحرر وتزيين الرذيلة، وحربا على الحجاب، وتشويها للفضيلة ومن يدعو لها، وكأن المعايير صارت معكوسة أو أنها قناة مدسوسة.ثم أردف قائلا: هل اقتنعت بما سمعت؟ أم تريد أن أذكر لك أسبابي الأخرى، فما ذكرته معايشة شبه يومية، وأنا لم أخبرك بعد عن المتطلبات الأسرية، وهموم العمل، وغلاء الأسعار، وغش التجار، وارتفاع الإيجار،.. هنا أوقفته عن الكلام قائلا له: دع عنك الابتسام فمثلك لا يلام، سامحك الله يا رجل، كنت أريد أن أريك أن الدنيا ما زالت بخير فإذا بك تذكرني بواقعنا المرير، ولكن لا لن تغير قناعاتي بأن (الابتسامة تفتح الأبواب المغلقة، وتخفف من وطأة المشاكل المؤرقة، وتجعل الوجوه لطيفة مشرقة، يقول (فيليس ديلر) الابتسامة هي التقوس الوحيد الذي يمكنه أن يجعل كل شيء مستقيما.