«ملاذ كرد» والمعارك الفاصلة
يعتبر المؤرخون أن هناك عدة معارك في تاريخ البشرية يمكن أن يطلق عليها المعارك الفاصلة، وهي التي غيرت مجرى التاريخ بنتيجتها
الاحد / 19 / ذو القعدة / 1435 هـ - 18:45 - الاحد 14 سبتمبر 2014 18:45
يعتبر المؤرخون أن هناك عدة معارك في تاريخ البشرية يمكن أن يطلق عليها المعارك الفاصلة، وهي التي غيرت مجرى التاريخ بنتيجتها. ففي التاريخ الإسلامي تعتبر غزوتا بدر والخندق من المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام على عكس غزوتي أحد وتبوك وغيرهما. ومعركة بلاط الشهداء التي هزم فيها المسلمون أمام الجيوش الأوروبية في جنوب فرنسا كانت معركة فاصلة أوقفت تقدم الإسلام في أوروبا الغربية ومنعت تحويل القارة العجوز إلى قارة إسلامية. واعتبر المؤرخون أن معركة ملاذ كرد معركة فاصلة في التاريخ رغم عدم شهرتها. وهي التي حدثت في أغسطس من عام 1071. ويذكر التاريخ أن قبائل السلاجقة الأتراك قد استولت على جزء كبير من آسيا الوسطى ووصلت سيطرتها إلى الخلافة العباسية في العراق وكان حكامها مشغولين بنشر الإسلام في تلك البقاع من العالم، ومن أشهرهم السلطان ألب أرسلان الذي كان رجلا قويا عادلا وقائدا بارعا فأعاد فتح أذربيجان وأرمينية وجورجيا. وفي نفس الوقت كان الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديجونيس يجمع جيوشه ويستعين بقبائل النورمان والتركمان الثقالية لاستعادة ما فقدته بيزنطة على يد السلطان ألب أرسلان. وفي شهر رمضان من عام 464هـ الموافق نهاية أغسطس من عام 1071 استغل الإمبراطور البيزنطي وجود السلطان بعيدا عن جيوشه التي كانت متفرقة بين العراق وفارس فهاجموا أرمينيا وقاموا بمذابح لا توصف من قتل وحرق وتدمير وسبي للنساء والأطفال. ووصل الجنرال ألب أرسلان ولم يكن معه إلا حرسه السلطاني وكان لا يتجاوز خمسة عشر ألفا، فتقدم بهم ورفض انتظار بقية الجيش. ويقول المؤرخون الغربيون إن الجيوش البيزنطية تجاوزت مئتي ألف جندي. وأمر السلطان ألب أرسلان جنوده أن يغتسلوا ويلبسوا البياض على هيئة كفن، ومع إشراقة الفجر كانت الكتائب الإسلامية تخترق قلب الجيش البيزنطي وتبيد قوات الحرس الإمبراطوري لتصل إلى معسكر الإمبراطور وتأسره. وانتهت المعركة على أكثر من مائة ألف قتيل من الجيش البيزنطي وفرار الباقي وأسر الإمبراطور وقادة جيشه. ويقول المؤرخون إن هذه المعركة كان يمكن أن تبيد الإسلام في أواسط آسيا لو خسرها ألب أرسلان. رحم الله السلطان المجاهد وجنوده الأبطال.