تفاعل

آخر العلاج الكي للأخت الصغرى الشقية

ما حدث من قطع العلاقات مع قطر جرح في خاصرة الأخوة والوحدة الخليجية أجراه مبضع الطبيب لاستئصال ورم خبيث كان لا بد من بتر العضو الذي بدأت أعراض ذلك الورم تظهر فيه، هذا البتر الجزئي جاء حفاظا على حياة الكيان الكلي وهذا واجب شرعا فحياة الكل مقدمة على حياة الجزء، ولا سيما إذا ما علمنا أن ذلك الجزء لديه إمكانية النمو من جديد وتعويض ما بتر منه بفضل الله.

وقطر جزء من الكيان الخليجي الذي يعتبر أسرة واحدة تربطها وشائج أسرية وروابط دم وأواصر محبة وود، ولكنها تمادت وأوغلت في التجاوزات المسيئة لشقيقاتها الكبرى وذهبت بعيدا في تحالفات مع أعداء ودعمت جماعات تخريبية ووجهت بوصلة عدائها لمن فردوا أذرعهم بصدق لاحتضان شقيقتهم الصغرى التي خرجت عن مدارها الأزلي ورفضت الحضن الدافئ وهرولت مسرعة نافرة على مرأى ومسمع من تلك الشقيقات اللاتي تعاملن معها تعامل الكبار وأعطينها بدل الفرصة ألفا، ولكن للأسف كانت في غيها عاتية وفي كرهها صادقة. فكان لا بد من باب العدل أن تقرص أذن تلك الصغيرة ردعا لشقاوتها تلك فأتت هذه المقاطعة كنتيجة حتمية لهذه التداعيات.

هذا القرار هو دعوة لأصحاب القرار القطري لمراجعة الحسابات وليس عيبا الاعتراف بالخطأ ولكن التمادي في الخطأ والمكابرة الخاسرة هو أكبر عيب، وإنني لأستغرب عناد أصحاب النفوذ في المضي قدما في هذا الجفاء رغم وضوح نتيجة ذلك جليا على أمن واستقرار قطر نفسها لأن طلب العون من العدو هو استسلام واضح وخضوع فاضح وهزيمة شنعاء، وهذا ما قطر ماضية إليه.

أول براهين فشل السياسة القطرية هو تزعزع الثقة بين القيادة وقواتها المسلحة التي أرسلتها لمحاربة عدوها الذي هو حليف القيادة ولعل السؤال المنطقي الموجه للقيادة القطرية، ما هذا الاستخفاف بعقول قواتها المسلحة وهل رخصت أرواح جنودهم إلى درجة استخدامهم جسرا لتمرير مخططاتهم الغادرة بمنهج ظاهره الرحمة وباطنه غدر وخيانة وتآمر؟

ويتولد من هذا التخبط جناية على شعب لا ذنب له إلا صدق ولائه لهذه القيادة التي لم تحسن صنعا بهذه السياسة الرعناء لتحقيق أجندة خارجية جعلت قطر كبش الفداء والوقود المحترق لتحقيق أهدافها البغيضة، وها هو يحتضر بين يدي صديق الأمس ومغتصب اليوم.

ولا بد من بزوغ نجم المرتزقة الذين يقتاتون على موائد تفسير الأحداث وتحليل المعطيات والدخول في النوايا، مما يعد بيئة خصبة للاصطياد في المياه العكرة، ولكن المملكة فطنت لهذه المخططات فكانت واضحة في سياستها، حيث وجهت إجراءها مباشرة إلى القيادة مبررة تصرفها هذا بالبراهين الدامغة، ومع ذلك لم تحمل الشعب القطري الشقيق أي تبعات بل سخرت كل إمكاناتها كونها السند والمعين له على نوائب الدهر متى ما أراد. بل زادت على ذلك بقبول الصلح مع قيادتها بشروط عشرة ميسرة وفيها خير لقطر قبل الآخرين ولكن قوبلت بعنجهية قطر في السير في الخط المعاكس لكل تلك الوساطات التي ترمي إلى رأب الصدع ولم الصف.

السؤال الذي يحتاج إلى إجابة ويحتمل أكثر من معنى إلى أين تمضي قطر؟

ومن هو إبليس الذي أخرج قطر من دوحة أمنها ورمى بها في دهاليز عزلتها؟

أترك الإجابة لعقلاء قطر للوقوف على خط النهاية لهذه الهاوية السحيقة التي لا تبقي ولا تذر. قال تعالى: (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا).