تفاعل

فليكن نقدنا ناصحا لا فاضحا

دخيل سليمان المحمدي
كما يعلم الجميع فإنه ليس هناك عمل كامل، بل لا بد من وجود بعض السلبيات والأخطاء في أي عمل. فطالما أن هناك عملا فلا محالة من وجود الأخطاء، وأنجح الأعمال أقلها أخطاء، ومع وجود هذه الأخطاء يوجد الناقدون، فمنهم من ينتقد من أجل النصائح ومنهم من ينتقد من أجل الفضائح، والنقد الهادف هو ذلك النقد البيني الذي أعده حالة تقويم للعمل بدون جور ولا انحياز ولا تعصب، بل يكون أقرب للعدل والإنصاف فيظهر في المنقود ما له وما عليه بدون مجاملة، معتبرا النقد هدية يسلمها بكل نصح وحب وابتسامة، أما النقد الهادم فهو ذلك النقد العلني الفاضح والذي أعتبره حالة تشفي من المنقود خارج حدود الأدب واللباقة في النقد ناسفا ومصادرا جميع إيجابيات المنقود لمجرد خطأ بسيط معتبرا النقد سهام حرب يوجهها بكل شراسة. مما يؤدي إلى قتل المعنويات وتحطيم آمال الطموحات.

فالنقد ثلاثة أنواع كما يعرفها الجميع، نقد موضوعي ويسمى بالكانطي نسبة إلى الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط وهو النقد الذي يهتم بتوضيح العيوب والمزايا بغض النظر عن المنقود. ونقد أحول يتأثر بالعلاقات الحميمة شخصية كانت أو مادية بين الناقد والمنقود، فيتم التركيز على المزايا والإيجابيات وتجاهل العيوب والسلبيات، كما قال الشاعر:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة

ولكن عين السخط تبدي المساويا

حيث إن مؤسس هذا النوع من النقد عندما طلب منه أن يضع الطوق على أجمل مخلوق قام فعلقه في عنق كلبه، وهذا أيضا أعتبره غشا للمنقود، حيث تمت مجاملته ولم يتم توجيهه. أما النوع الثالث يسمى بالنقد الأعور وهو النوع مع الأسف الشديد الذي يفرح به كثيرون ونراه يصول ويجول في وسائل تواصلنا ومعظم محطات إعلامنا، نجده على النقيض تماما من النقد الأحول، حيث التركيز على العيوب والسلبيات وتجاهل الإيجابيات، وفيها يبرز المثل الذي يقول (لكل ساقطة لاقطة). فلنكن كانطيين في نقدنا حيث صفاء السريرة ونقاء الضمير وحسن الخلق وقبل ذلك الوعي الثقافي باعتباره مطلبا أساسيا بهدف الإصلاح، لأننا نبين من خلاله الجزئيات والجوانب التي اعتراها النقص والتي لم يوفق المنقود بطرحها بأسلوب راق بعيد عن التشنج والانفعال، مبتدئين في عرض الأوجه الإيجابية التي تميز بها المنقود.