تلمست ثلاثة أفلام لبنانية جديدة طريقها نحو صالات العرض في بيروت، وشاركت في مهرجانات عربية وعالمية، وتميزت بتنوع أفكارها، وتلتقي حول نظرة الشباب إلى الماضي السياسي والاجتماعي، وإلى الحاضر أيضا، فضلا عن رؤيتهم للمستقبل بعيدا عن الأخطاء التي وقعت فيها الأجيال السابقة وأدت إلى اندلاع الحرب في لبنان. «الطريق» لرنا سالم، يطرح تساؤلات حول الهوية والذاكرة اللبنانية بعد الحرب الأهلية، رغم أن اللبنانيين لا يحبون التحدث عن الماضي، وحول جدوى الحياة العصرية، داعية إلى العودة إلى الأرض لاختبار علاقة جديدة معها، معتبرة أن بيروت مدينة صغيرة تعطي إحساسا بالإرهاق والوحدة. رنا وغي، زوجان يعيشان في بيروت حياة على شاكلة المدينة، متحركة وفي تبدل مستمر، إلا أن رنا تصاب بحالة من الاكتئاب بعدما تترك العمل بشكل مفاجئ، فيقرر غي أن الوقت حان لهما لسلوك الطريق نحو الجبل، ويغادران بيروت ويسيران على درب يوقظ فيهما ذكريات من النوستالجيا يوصلهما إلى اكتشاف مكامن الذات. حاز الجائزة العالمية للنقد فيبرسكي. «من السماء» قصة مزيج من الدراما والكوميديا للمخرج وسام شرف، فبعد غياب 20 عاما، يعود سمير، مقاتل سابق في ميليشيات يعتقد أنه ميت، إلى حياة عمر، شقيقه الصغير الذي يعمل حارسا شخصيا في بيروت، ووسط أحداث درامية وكوميدية، يواجه سمير تغير البلد والفوضى والقلق والصخب وسياسة المافيات وغياب الآفاق وردود فعل غير منتظرة من المقربين منه، في بلد لم يعد يتذكره. اختار المخرج ممثلين مبدعين أمثال رائد ياسين الذي مثل في أفلامه القصيرة السابقة، ورودريج سليمان، وسعيد سرحان، ويمنى مروان. نال جائزة التانيت البرونزي في مهرجان قرطاج. «ميّل يا غزيّل» بعد نجاح فيلمها «ليالي بلا نوم»، طرحت المخرجة إليان الراهب فيلما وثائقيا جديدا مضيئا ومليئا بالأمل، يتمحور حول الحياة اليومية لهيكل مخايل، فلاح في العقد السادس من عمره، قرر منذ 15 سنة أن يستقر في أعلى قمم منطقة القبيات في شمال لبنان، على بعد كيلومترات من سوريا، وبنى بمفرده مزرعة ومطعما، تحول إلى ملتقى لشرائح المجتمع المختلفة. الفيلم عبارة عن تأمل في طبائع الناس وثقافتهم وأحوالهم، على غرار هيكل مخايل، الذين يصرون على البقاء في بلدهم رغم الظروف الصعبة، ويدافعون عن وجودهم بعيدا عن الشعارات، إنما بقوة سواعدهم التي تعمل في الأرض. بالطبع، المنطقة التي يقيم فيها هيكل معقدة وتضيف إلى قضيته طابعا اجتماعيا - سياسيا. نال ثلاث جوائز حتى الآن، وجائزة لجنة التحكيم للفيلم الطويل في مهرجان دبي السينمائي الدولي.