الرأي

الكرة ما تزال في ساحة قطر

شاهر النهاري
بعد تصريحات أمير قطر، الشيخ تميم، التي نقلتها وكالة الأنباء القطرية «قنا»، الثلاثاء، على لسانه حول إيران وحماس، وجماعة الإخوان، وقاعدة «العديد»، والحكومة الأمريكية؛ ثم ادعاء الوكالة أن الموقع كان مخترقا، وأنها تستغرب تسرع كل من السعودية والبحرين والإمارات ومصر سرعة نقل الأخبار الملفقة، وحجب مواقع قطرية إعلامية، كما ذكرت بأنها ودول صديقة لم تسمهم يجرون عمليات تحقيق عاجلة، لمعرفة المتسبب، والذي لمحت لكونه أحد هذه الدول، بنية تشويه سمعة قطر، وأميرها. وسياسة السعودية، ودول الخليج عامة، لم تكن يوما حادة، ولا مستعجلة، بل إن ما يؤخذ عليها أنها تعطي الصديق، ألف عذر، قبل أن تواجهه بالحقائق، ولكنها هذه المرة قلبت الصورة. الحقيقة أن السياسة السعودية، قد عانت طويلا، مما يحدث من جانب الحكومة القطرية، التي لا تتطابق أقوالها على أفعالها، ليس فقط في السنوات الأخيرة، ولكن منذ بدايات أزمة الخليج الأولى، ونشوء قناة جزيرة خالف تعرف. السعودية، في أزمات عديدة كانت الأخت الكبرى، تصفح، وتجبر، وتعلل بالطيب، وتتغافل. وتاريخ قطر كان يسير على مستويين، أحدهما صديق، والآخر ملتف متلون يبحث عن الزلل، بينما كانت العلاقات الإيرانية القطرية وما تزال قوية، رغم خلافهما الظاهر حول مأساة سوريا. إيران التي وقفت حليفة لقطر في خلافاتها مع السعودية على الحدود، وكانت تسعى لإسقاط الحكومات الخليجية والعربية. وكم حاولت قطر إشراك إيران في مجلس التعاون الخليجي، حتى إنها دعت الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد عام 2007 لحضور مؤتمر القمة الخليجية في الدوحة كضيف شرف، مما أغضب كل المجتمعين. وفي 2006، صوتت قطر منفردة بين 15 عضوا في مجلس الأمن ضد قرار مجلس الأمن رقم 1696 حول الملف النووي الإيراني. وتوافقت مرئيات إيران وقطر حيال ثورات الربيع، وحكم الإخوان في مصر، وسيطرة حزب الله على لبنان، وشق حماس للصف الفلسطيني. وقد وقعت قطر وطهران اتفاقا أمنيا عسكريا تحت مسمى «مكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة» في 2015. وكانت وما تزال العلاقات الاقتصادية والتعاون المشتركة بين البلدين مزدهرة في عدة مجالات، مما يتنافى مع أساسيات عضوية مجلس التعاون الخليجي. ومن خلال مجريات اجتماع وقمم الرياض، كانت السعودية ودول مجلس التعاون، ومصر تشك في مواقف قطر، وتنتظر بحذر شديد ردود فعلها الصريحة بعد الاجتماع، وفي القلوب تدور أمنيات، بأن تكون قد تحولت إلى صديق مخلص، لا يصادق العدو، وهذا ما خلق تلك الغضبة السريعة بعد نشر تصريحات أمير قطر، والتي كانت متوقعة، بكل ما جاء فيها من نشاز، لذلك لم يطل بهم التفكير والحال، مع معرفتهم بتاريخ ونوازع هذا الصديق، المريب التحركات. ورغم كل ذلك، فالكرة ما تزال في ساحة أمير قطر، لو أراد احتواء الأحداث، بأن يتناسى دعوى الاختراق التقني، وأن يبادر إلى التصريح علانية، بما يقنع الدول الخليجية والعربية المتضررة، بأنه صديق صادق، لا يحمل التناقض في قراراته، وأنه مع إجماع قمم الرياض، والتي اتفقت على محاربة الإرهاب أيا كان مكانه وهدفه ومعتقده. وإلا فإن عزلة قطر قد حانت، وكم ستكون إيران سعيدة بهذا الشرخ العربي الجديد. @Shaheralnahari