الرأي

الاحتفال بالخيبة.. الدعوة عامة

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
أفكر في إقامة حفلة، لكن المشكلة أني لا أجد المناسبة التي يمكن أن أحتفل بها، فالخيبات تتوالى من كل حدب وصوب. ثم إني وجدت أنه يمكن الاحتفال بالخيبة نفسها. سأستأجر قاعة وأدعو الكثير من الأصدقاء والأعداء لنحتفل سويا مع كل خيبة أمل تقفز في وجهي كلما سلكت طريقا باحثا عن الفرح. لكن الذي دعاني في بادئ الأمر للتفكير في الاحتفال هو أني ـ كما تعلمون ـ رجل لا أحب أن أكون بعيدا عن السائد في المجتمع، وفي الفترة الأخيرة أصبح الناس يحتفلون أكثر مما ينجزون، فيحتفلون بتخرج طفل وانتقاله من الروضة إلى التمهيدي، وحفلة أخرى حين يخلع سنه الأولى وحفلة حين تنبت سنه الجديدة. ولا أتحدث عن حفلات عائلية مصغرة ولكني أتحدث عن قاعات وحجوزات ومعازيم وهدايا. والحقيقة أن عدم فهمي لهذه الظاهرة وأسبابها لن يمنعني من الاحتفال وتلقي الهدايا، والهدايا هذه قصة أخرى تستحق الاحتفال. فأنا أسمع عن الشرهات والهبات والهدايا أينما وليت وجهي، في الصحافة وفي العمل وفي تويتر وأحاول أن أتذكر ما هي آخر هدية تلقيتها فأعجز، لا أحد يهديني أي شيء وهذا أمر محبط ومحزن يستحق الاحتفال. وحين أتلقى هديتي الأولى فستكون مناسبة سعيدة ومناسبة للاحتفال أيضا. والحديث عن المناسبات السعيدة في هذه الأجواء المشحونة التي يشتم فيها الناس والدول والمنظمات بعضهم البعض يبدو كحديث عن الزواج في المقبرة. وهذا ليس أمرا شاذا فكثيرون يحتفلون بالمصائب ويسترزقون من الأزمات، كما تشاهدون وتقرؤون. وعلى أي حال.. إن كنتم قد فهمتم أن الهدف من هذا المقال هو استجداء هدية ما، فأنتم في واقع الأمر لم تبتعدوا كثيرا عن الحقيقة، أما لماذا هذا التوقيت بالذات فقد يكون السبب أنه يصعب الكتابة في هذا التوقيت عن الأشياء التي أريد الحديث عنها بالفعل. وأنا لست مستعدا لمواجهة أحد ولا الصراع من أجل أحد، أريد أن أحتفل وحسب، ولا تهمني المناسبة، سنحتفل الآن ونتدبر أمر المناسبة لاحقا، تماما كما تفعل بعض الأجهزة في الجمهوريات الديمقراطية حين تعتقل المواطن ثم تخترع التهمة فيما بعد. @agrni