تفاعل

ليلة القبض على فكرة!

فهد المرسال
يبدو بأن قدر الكاتب هو أن يظل متسائلا قلقا يمشط طرقات عقله كمحارب يتحسس مسدسه بيدين مرتعشتين في مدينة من ظلال بمكان لم يكتشف بعد!، القلم سلاحه الأوحد وحرفه الحربة المسنونة التي يثق بها، وفكرته هي الأرض المهتزة تحت أقدامه التي تعلم من تذبذبها كيف يقف على حافة السقوط ولا يسقط!، هي معركة نبيلة لهدف أنبل من الانتظار على أرصفة الحياد المتوقفة.

مدهشة هي عوالم الكتابة، سير على رؤوس أصابع الأسئلة بخطى متوجسة واهمة تحاول أن تبدو ثابتة كابتسامة وداع لكيلا تسقط وتتشظى الحقيقة ويصبح العالم عاريا، أن تكتب وبعقلك امتلاك الحقيقة كاملة، انتحار أدبي سيقصيك خارج حدود العقل مبكرا، الفكرة جهة خامسة تحتاج لسلالم اللغة فقط، من 28 وعشرين حرفا فقط وجد كل تاريخنا المجيد بكل أحداثه انتصاراته وإخفاقاته!

تخيل كل هذه الأصوات الصاخبة والكلمات المتناثرة بتلك الأحرف القليلة فقط، إني لأعجب حقا ممن يبحثون عن قواسم مشتركة ليبرهنوا بأننا قادرون على التعايش مع ذلك الآخر الساكن معنا تحت سماء لغة واحدة ويتجاهلون «جهلا» مركبا كل ترابطنا العميق باللغة! لتكون فريقا لكرة القدم أنت بحاجة لـ22 لاعبا، ولكنك لن تضمن أنك ستفوز وتصبح مؤثرا! تحتاج لفكرة عظيمة لكي تنتصر! الكاتب العظيم هو من يتجاوز «ذاته» في طرح مشكلة ما! مكاسبه «الثمينة تلاشي تلك المشكلة، أكبر نكبات الكاتب هي الكتابة «دائما» عما يريده الناس للحديث عنه، لكسب «الرضا» والظفر بشعبوية زائفة، هو بذلك يصبح ناقلا لصوت الآخر وليس مكتشفا قارئا لكل قصور وخطيئة محتملة هنا وهناك وإن كان المتضرر إنسانا واحدا، لا أصدق من الوقوف أمام الرأي العام مواجها لإبراز حقيقة يحاول أحدهم طمسها!

الكتابة ضوء مهيب يغرس أنيابه في كل هذا الظلام المحمول على أكتاف الجهل كتمثال لطاغية في بلد متخلف! مع كل لحظة نزف أدبي ستكتشف بأنك تزرع جزءا من روحك في جبين قضية آمنت بعدالتها وأعلنت حربك من أجل دعمها ونصرتها، لعلكم تدركون الآن بأنني ما زلت أبحث عن الفكرة الغائبة التي أريد!