معرفة

غسان شربل.. عاشق الكواليس الذي فتح النافذة

u063au0633u0627u0646 u0634u0631u0628u0644 u0623u062bu0646u0627u0621 u0627u0644u062au0643u0631u064au0645 (u0645u0643u0629)
أعلن مساء اليوم عن تكريم الإعلامي اللبناني غسان شربل بجائزة (شخصية العام) في منتدى الإعلام العربي المقام في دبي، ولم يكن الخبر مفاجئا للكثيرين من متابعي المسيرة الإعلامية لرئيس تحرير الشرق الأوسط، والذين سيمنحهم هذا الخبر طمأنينة بأن الإعلام لا يحتفي فقط بأشخاص من يكتبون، بل بنوعية ما يكتب. سيكون بوسع شربل الشعور بشيء من السعادة وهو الذي يصعب اكتشاف شعور محدد في ملامحه، تماما كما يصعب تحديد انحياز معين في كتاباته، وسيكون بوسعه أن يعود بذاكرته إلى باريس في بداية الثمانينات، إذ سيجعله تحقيق هذا اللقب الإعلامي المهم أن يجد أسبابا وجيهة للجلوس بارتباك أقل مما كان عليه وهو شاب مبتدئ يتشارك طاولة واحدة مع محمد حسنين هيكل وغسان تويني. اعتبارا من مساء اليوم وبعد قرابة أربعة عقود من العمل المولع بالكواليس والتفاصيل، سيجد الصحفي اللبناني خلال هذا المنتدى وقتا للشعور بتقدير زملاء المهنة قبل أن يعود للبحث عن مغامرة جديدة، وهو الذي فتح دفاتر رؤساء لبنان، واقتحم خيمة القذافي، ووصل إلى النقطة الأقرب لنظام صدام حسين، وبينما كان الصحفيون يصنعون أمجادهم عبر الصحافة كان غسان شربل مشغولا باكتشافها في كل يوم. لم يتغير هذا الشغف لدى الصحفي الذي بدأ معلقا على الأخبار في صحيفة النهار اللبنانية، وحتى وصل إلى رئاسة تحرير صحيفة الحياة عام 2004، ومن ثم رئاسة تحرير الشرق الأوسط في نهاية 2016، مواصلا رحلة الكتابة والتحليل في مرحلة تزداد تعقيدا، ومتلمسا سيرته في استقراء سير الشخصيات السياسية وحكاياتها التي لن يجدها الناس في أخبار البيانات الصحفية وأدبيات التباحث الثنائي في قضايا الاهتمام المشترك. 'الدولة جواز سفر إلى المستقبل' هذا ما يقوله شربل في معرض تناوله لما عادت به الظروف السياسية من انقسام على دول عربية، وما انعكس به ذلك على المواطن العربي، إنه الكاتب المشغول أخيرا بالدعوة إلى استعادة الأوطان، وبالتحذير من الفشل الذي يصفه بالعبوة الناسفة الهائلة، بل إن الغرق فيه يمكن أن يمثل مشكلة أكبر حتى من (داعش). وإذا كان مفكر مثل ايكهارت تول قد نادى بفكرة (قوة الآن) فإن شربل يفعل الشيء نفسه، وهو الذي قال ذات يوم 'خير وفاء لأجدادك أن تكون مخلصا لأحفادك'، وبقي يدعو في مقالاته إلى مواكبة العصر ومواجهة التحديات الراهنة بالمزيد من المشاركة والانفتاح، المبدأ نفسه كان وراء دخول شربل نفسه إلى تويتر، حيث أنشأ في فبراير الماضي حسابا خصصه لنشر مقالاته بالدرجة الأولى دون أن يضطر إلى الكثير من النقاش، وإن كان ضمن تغريدته الأولى نصيحة كوميدية لا تخلو من إسقاط 'تابع الجنرال ترمب، ولا تنس حزام الأمان'! أخيرا، لن يتعب محقق محترف في استكشاف علاقة بين مقالات الرجل السياسية والنزعة الأدبية، وقد يرجع الأمر إلى إعجاب قديم بأمين معلوف، أما القارئ فسيفهم حينها كيف يستخدم شربل عبارات من قبيل 'ممرات آمنة للجثث' و'لا تهرم في العتمة'، فهو الكاتب المتيم برمزية فتح النوافذ كدلالة على تقبل الحياة ككل، والذي لن يغلق نافذته حتى في وجه عناوين صحفية تمازحه على نحو ثقيل 'شربل يفارق الحياة وينتقل إلى الشرق الأوسط'.