الرأي

هذا موطن الحزم يا أبا فهد

ياسر محمد عبده يماني
أثلج صدورنا خبر إلقاء القبض على 46 إرهابيا من الخلية المتورطة في الهجوم على المسجد النبوي الشريف، الذين أقدموا على هذا الجرم العظيم الذي أصاب قلوب وأفئدة المسلمين في جميع بقاع الأرض، حينما اجترؤوا على الدوحة الشريفة، وعلى حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة. ولا يعقل أن يقدم شقي على مثل هذه الفعلة إلا وهو قد تصور كفر جميع من بالمسجد النبوي من المسلمين، وكفر الدولة، والأمر والأنكى إنكار حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي جاءت في كتاب الله تعالى في قوله عز وجل «لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون». وفي الحديث الذي رواه البخاري وغيره عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث من أحدث حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». وجاء إمام دار الهجرة -وهو الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث بـ»عالم المدينة»- ليؤكد امتداد الحرمة إلى أن تقوم الساعة، وقد جاء عنه كما روى القاضي عياض أنه قال للخليفة أبي جعفر المنصور لا ترفع صوتك في هذا المسجد، ثم ذكر له أدلة من القرآن على حرمته صلى الله عليه وسلم وقال له في النهاية وإن حرمته ميتا كحرمته حيا. فنحن نحمد الله أن وفق خادم الحرمين ورجاله المخلصين الأشاوس للقبض على هذه الحفنة من الأشقياء، ونطالبه وهو رجل الحزم والعزم ألا تأخذه فيهم رأفة ولا رحمة، فقد جاء في كتاب الله «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب»، وإن أمور الحياة لا تستقيم إلا بإقامة القصاص الذي يردع الأشقياء. فيجب أن يعاقبوا بأشد العقوبة «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم»، فهذا والله هو الفساد في الأرض، ويجب أن تكون العقوبة على مشهد ومرأى من المسلمين، مستخدمين في ذلك وسائل العصر، حتى يعلم الجميع أن مثل هؤلاء ليس لهم مكان بيننا، فقد تخلوا عن الدين وتخلوا عن الإنسانية. أما التذرع بأن منهم من قد يتوب، فالتوبة بينه وبين خالقه سبحانه وتعالى، وهو يفصل فيها في دار الحق، أما هنا فالقصاص هو الحياة، لما فيه من الردع والعبرة وإعلاء كلمة الله. وفي جريمة كهذه يتساوى كل من ثبتت مشاركته، فينال أقصى العقاب حتى ولو كان بالتعاطف معهم. فالحمد لله الذي وفق لهذا النصر، على يد رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، في خدمة الدين والملك والوطن. والله نسأل أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان وأن يرد كيد كل عدو في نحره.