الرأي

حان الوقت لمعاقبة الكفلاء المسيئين

يزداد الموقف تأزما بالنسبة لعدد من المقيمين مع انقضاء الشهر الأول من فترة السماح في إطار حملة «وطن بلا مخالف» والتي بدأت في الأول من شهر رجب (29 مارس) وتستمر حتى 29 رمضان (24 يونيو) والمتبقي من فترة السماح حوالي الشهرين تقريبا وهي المدة التي يجب أن يغادر فيها المستفيدون من الحملة وإلا تعرضوا لعقوبات صارمة تتضمن السجن والغرامة والإبعاد والحرمان من العودة للمملكة مرة أخرى. وفي غضون ذلك، يعاني الوافدون من ارتفاع رسوم تجديد الإقامة ورسوم رخصة العمل لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية وغيرها من تكاليف إضافية على التابعين لهم اعتبارا من الأول من يوليو المقبل. ولا يتورع بعض الكفلاء الذين تحجرت قلوبهم من طلب المزيد من الأموال من الوافدين لتجديد الإقامة أو عمل تأشيرة خروج وعودة وإلا قاموا بتسفيرهم أو تسليمهم إلى مراكز الوافدين أو الإبلاغ عنهم بالتغيب عن العمل (هروب) وهي تهمة تجعل من الوافد شخصا مخالفا يقيم في المملكة بشكل غير قانوني. ويشعر الإنسان بالأسى والأسف خاصة للوافدين الذين بقوا بين ظهرانينا لسنوات طويلة تزيد عن الثلاثين عاما وفجأة يجدون أنفسهم أشخاصا غير مرغوب فيهم وعليهم المغادرة أو تحمل التبعات. وهناك معاناة من نوع آخر لبعض الوافدين الذين توفي كفلاؤهم الأساسيون وورثهم أبناؤهم أو أقرباؤهم. وهذه ليست حالات فردية معدودة ولكنها كثيرة حسب ما علمت من بعض الوافدين. وفي الطائرة الأسبوع الماضي تعرفت على أحد المقيمين في بلادنا وهو سائق سيارة أجرة من أصول آسيوية. وقال لي هذا الرجل إنه يدفع أسبوعيا مبلغ (750) ريالا لكفيله كما أنه قام بتجديد إقامته مؤخرا بعد دفع الرسوم المقررة لذلك، ورسوم رخصة العمل، وفلوس التأمين الطبي فماذا بقي لهذا السائق المسكين الذي يعول أسرته في بلاده إلى جانب مصروفاته الشخصية. وقالت يرون أما، وهي عاملة منزلية بالحرف الواحد «إن الكفلاء الأنانيين والجشعين هم الذين يجب أن يوضعوا في مراكز الترحيل وليس مكفوليهم المساكين، حتى يتذوقوا مرارة الحبس والعزلة». والآن هناك حملة «وطن بلا مخالف» التي يقصد منها تحرير البلاد تماما من أي مقيم مخالف، وهذا حق قانوني للمملكة لا اعتراض لنا عليه، لكن تبقى جذور المشكلة تكمن في نظام الكفالة الذي بقي على حاله رغم المطالبات بإلغائه والذي استمر سنوات طويلة، فهل سيعلنون فترة سماح جديدة بعد انتهاء فترة الثلاثة شهور الحالية؟ هذا شيء لا جدوى منه ولا فائدة فيه!!». هذا ما قالته هذه السيدة بالحرف الواحد وهي محقة تماما في كل ما ذهبت إليه. والحملة معنية بتسهيل إجراءات سفر المخالفين وليست معنية باسترداد حقوقهم من كفلائهم، علما بأن بعض منهم لا تزال لديهم مطالبات مالية على الكفلاء حيث عملوا عشرات السنوات معهم، ومن هنا أطالب بتسوية حقوق المبعدين حتى لا نظلم أحدا. وقال وافد آخر هو أرهام علي أحمد إن كثيرا من المقيمين يعانون في مراكز الترحيل حيث ظلوا لردح طويل من الزمن دون أن يتم تسفيرهم إلى بلادهم مع أن عددا منهم قد جاؤوا إلى المملكة بتأشيرات عمل رسمية لكنهم عجزوا عن تجديدها بسبب مطالبات الكفلاء المالية المبالغ فيها. وأضاف، بكل حسرة وألم، إنك إن لم تستجب لمطالبة الكفيل، فإنه سيبلغ عنك بالتغيب عن العمل (هروب) مع أنك لا تعمل لديه وهي تهمة تجعلك مقيما مخالفا وغير قانوني. وكتبت ناجيتا أنيتا تقول «إن على كل السعوديين أن يدركوا أن الناس الذين يقومون بتشغيلهم هم بشر مثلهم وعلى هذا الأساس يجب التعامل معهم». وقالت إن على الكفلاء أن يتعاملوا مع مكفوليهم بنفس الطريقة التي يريدون أن يعاملهم الآخرون بها كما أن عليهم أن يدفعوا مرتبات موظفيهم في وقتها لأنهم جاؤوا إلى هنا لكسب العيش ولهم أسر في بلادهم يعتمدون عليهم في معيشتهم. وقالت إن بعض الناس يجعلونك تخدم في بيوتهم طوال اليوم، لكنهم لا يأبهون كثيرا بدفع مرتبك أول كل شهر رغم علمهم الكامل بحاجتك الماسة لهذا المرتب، وأضافت إن هذا شيء محزن وتراجيدي. وسألني صديق سعودي لماذا أكتب كثيرا عن موضوع المقيمين في بلادنا، وكان ردي عليه هو أنني أسعى بكل جهدي حتى لا تكون عندنا حالة ظلم واحدة في المملكة، وهي البلاد التي شرفها الله تعالى بخدمة الحرمين الشريفين. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، واحفظ بلادنا وقيادتنا وشعبنا. almaeena.k@makkahnp.com