الرأي

هل يوجد الحب المنقطع

شاهر النهاري
كثيرا ما يدور الحديث حول هذا التساؤل، وبحيث يكون البعض من المتحاورين مثاليين أكثر مما يجب، يبالغون ويولجون الأنفس معهم في لوثة بين سيادة المصداقية، وبين منتهى التخيل الغريب، والذي وصفته روايات الأولين بصفات العذرية. وقد يكون المحاور على النقيض من ذلك فلا يعطي للحب قيمته المستحقة، ويبخسه. وهنالك من يتوازن في منطقة المنتصف، ويستخدم المنطق، فيرى أن الحب فعل ورد فعل، ولولا رد الفعل أو على الأقل توقع حصوله من الطرف الثاني لما حصل الفعل الأساسي، أو لما بدا بهذا الشكل الرائع الفياض المدهش. كل حب مبتدأ ينتظر من يفعله شيئا من العطاء المقابل، ولا يمكن الاستمرار في حب صامت جامد وبدون هدايا. حب الشخص للإله يتم بأمل في النفس يكبر مع الأيام بأن يكون رد هذا الفعل أكبر منه مرات عديدة تتعاظم، وبالقدر الذي يتخيله المحب من كرم الإله عظيم الملك والعطاء. وبالتالي فالله يَعِد من يحبه بالرد عليه بأكثر مما سمع ورأى، ومما خطر له على بال. وكذلك حب الوطن والذي يحمل الكثير من الرجاء والحلم بالهدايا الفورية والمستقبلية من عطاء الأرض والخيرات، ومن حصول احترام إنسانيته، ومن استقرار وأمن وقيمة بين شعوب الأرض بكون الإنسان عليه، والمنتسب إليه جزء لا يتجزأ من كرامته وبقائه وقوته ومجمل قيمه من النواحي الاستراتيجية والسياسة والاقتصاد والثقافة والتقدم. ولا شك أن وطنا يمسح كل تلك الخصال لا يعود يستحق الحب، وأي بلد لجوء غيره يصبح يفوقه بالحب. ومن أكثر تلك الأنواع وهما هو حب الذكر للأنثى أو العكس، ومهما اعتبرناه علاقة روحية تسمو وتعبر السنوات إلا أنه لا يمكن أن نفصلها عن تحري الهدايا العزيزة تعود على النفس المحبة حتى ولو بعد رحيل أحدهما، فمجرد كلمة قيلت أو نظرة غرزت في الأنا شعور بالقيمة، التي لا يمكن بلوغها إلا مع هدايا الحبيب التي تجعل الحلم يستمر والشوق يكبر والشعور بالرضا يستمر ولو من لمسة في جبين الذاكرة. ونستمر في استعراض أنواع الحب فنجد حب الوالد أو الأم لذريتهما لا يكتمل بدون هدايا الشعور بأهمية الوجود والتكامل، وبهدايا الروح من بدايات ضمهم بالحضن الطفولي، ومرورا بمشاعر تكامل كينونة الإنسان وخلود ذكره، وحتى حمل الوهن على الأكتاف في حالة عجز تجعل الحب يكون ويستمر ويصبح حلما مهما عق الابن ومهما رحل جسده عن الدنيا. وما يتم على تلك الأنواع ينصبغ على بقية أنواع الحب والتملك من قليل الملك الدنيوي إلى أعظمه. والسؤال الآن، هل يعيب تلك الأنواع وجود رد الفعل والمقابل الجميل؟ بالطبع لا، فكل ذلك يزيد من قيمة الحب حتى ولو كان مجرد انتظار للهدايا مهما استحالت. عندما يحبك ربك أو حبيبك أو يحتويك أي وطن وحيوان وجماد، تذكر أن ذلك الحب لن يستمر بذات القيمة إذا ما أهملت من يحبك ولم تتذكر أنه يحتاج إلى رد فعل منك ليستمر الحب، ولتتعاظم صوره. وما أجمل رد الفعل عندما يوازي الحب أو يتعداه بما لا يمكن قياسه. shaher.a@makkahnp.com