الرأي

البطالة ليست مجرد رقم

محمد العوفي
ارتفاع نسبة البطالة لا يقرأ على أنه مجرد رقم فقط، فهو مؤشر أولي يفترض أن ينظر إليه من زاويا مختلفة وبشمولية أكثر، ويفترض أن نتوقف عنده تنظيميا واقتصاديا واجتماعيا، لأن البطالة تعني قلة فرص العمل وتراجعها في مقابل زيادة حجم القوى العاملة. فوفقا للهيئة العامة للإحصاء «مركز الإحصاء الرسمي» بلغ إجمالي عدد السعوديين الباحثين عن عمل 917.5 ألف فرد، يمثل الذكور منهم 177.5 ألف فرد، فيما تمثل الإناث منهم 739.9 ألفا، وبلغت نسبة الذكور 19.4% والإناث 80.6% من إجمالي السعوديين الباحثين عن عمل. فيما بلغ معدل البطالة بين السعوديين 12.3%، حيث بلغ المعدل بين الذكور 5.9% و34.5 % بين الإناث، ويعني أن معدل البطالة مرشح للزيادة في حال لم يجد 917.5 ألف فرد من الباحثين عن العمل فرصا وظيفية مناسبة قادرة على استقطابهم. تنظيميا، ينظر لهذا الرقم على أنه مؤشر على فشل وزارة العمل والجهات المعنية بالتوظيف في تحقيق أهدافها على الأقل في الحد من الارتفاع المتوالي لنسبة البطالة، كما أنه أكد هشاشة استراتيجية توظيف السعوديين في القطاع الخاص؛ فعندما وضعت وزارة العمل خططها لزيادة السعوديين في القطاع الخاص في عام 2010 كانت نسبة البطالة 9.6%، وكانت الخطط الموضوعة تعمل لخفضها إلى 5.5% في عام 2014؛ إلا أن تلك الخطط منيت بالفشل؛ وسجل معدل البطالة ارتفاعات متوالية حتى وصل الرقم إلى ما وصل إليه في الربع الرابع. علما بأن الربع الرابع لا يصادف فترة تخرج طلاب الجامعات، والتي تشير التوقعات إلى أنها تخرج سنويا نحو 300 ألف طالب وطالبة في مختلف التخصصات، مما يعني أن هذه النسبة مرشحة مستقبلا بعد إضافة خريجي الجامعات الجدد، وارتفاع كبير في عدد الباحثين عن عمل، وتحول عدد كبير منهم مع الوقت إلى عاطلين في ظل ضعف الفرص الوظيفية، علاوة على فشلها في التصدي لاستغلال الشركات السيئ للمادة 77 من قانون العمل التي تجيز لهم فصل السعوديين والتي نتج عنها فصل نحو 50 ألف مواطن في الأشهر الستة الماضية. واقتصاديا واجتماعيا، يلاحظ من البيانات التي نشرتها الهيئة أن أعداد النساء العاطلات في الربع الرابع بلغت 739.9 ألفا بزيادة نحو 300.3 ألف مقارنة بالربع الثالث، والبالغ 439.6 ألف امرأة مما يوحي بأن لم يكن هناك أي فرص وظيفية للنساء، وفي المقابل تم توظيف 76.5 ألف مواطن لينخفض عدد الشباب العاطلين في الربع الرابع 177.5 ألف شاب، وأن النساء الباحثات عن عمل وفقا للسجلات الإدارية يمثلن نحو 80.6% في الربع الرابع من 2016. وهذا يعني أن هذه الشريحة من المجتمع معطلة، وأن الفرص الوظيفية المتاحة لهن تكاد تكون معدومة، ولا تحظى بذات القدر من الاهتمام في توفير الفرص الوظيفية رغم أنها ذات قيمة اقتصادية مضافة، وصرف الكثير على تأهيلها وتعليمها، فحجم الإنفاق العالي في تعليم وتدريب هذه الشريحة يفترض أن يكون له مردود ومساهمة في الاقتصاد والتنمية، وأن تتجاوز الفرص الوظيفية لها محلات بيع الملابس النسائية والتسويق والتعليم والصحة إلى مجالات أوسع وأكثر فعالية وإنتاجية. خلاصة القول، إن معدل البطالة المعلن مخجل تنظيما واقتصاديا واجتماعيا، ويجب النظر إليه من زوايا متعددة، وأنه قدم دليلا قطعيا على أن أنظمة العمل واستراتيجيات السعودة لم تعد صالحة، وأنها بحاجة إلى مراجعة شاملة وتعديل وتغيير جذري لكي تكون فاعلة في حلحلة مشكلة البطالة. alofi.m@makkahnp.com