الرأي

جواز التحول لـ«نسناس»!

سحر أبو شاهين
هوس الشهرة وبريقها والجري وراء أي طريق موصل لها، جعلت بعض البشر يتحولون إلى مزيج من الإنسان والنسناس! يتشقلبون ويقفون على رؤوسهم ويصفقون بأرجلهم ويحكون مؤخراتهم أثناء خضها بشكل عنيف كمن يعد لبنا بالطريقة البدائية! بريق الشهرة جعل البعض يبتلع الزجاج والمسامير والرمل والصراصير، ويتدلى من ناطحات السحاب، ويدخل السيوف والسكاكين في حلقه، ويغرز مشابك الحديد في جسمه، ويسحب بها سيارة ولا بأس بالإصابات المميتة، أو انسلاخ الجلد أو حتى الموت خلال ذلك فهو شهيد الشهرة وهذا كاف! كل ذلك يبقى ضرره المباشر محدودا بالشخص نفسه وبمن فقد عقله فقلده، ولكن أن يتعمد الشخص الإضرار بالآخرين في سبيل أن يحصل هو على الشهرة فهذا غير مقبول بأي شكل. مؤخرا طالعتنا سيدة جليلة «جهبذة» بفكرة عبقرية لم يتوصل لها أحد من قبل ولا من بعد! أكاديمية لتزويج أعزب خلال شهر بـ«كوكتيل» من ثلاث نساء؛ بكر «عديمة الخبرة»، وثيبتين «متمرستين»؛ مطلقة وأرملة، وما يقطع الشك باليقين أن هدف التصريح هو الشهرة والشهرة فقط، لأن لا أحد تنطبق عليه الشروط المطلوبة، فهو أعزب أولا، وصغير في السن ثانيا، وثري يستطيع الإنفاق لوحده على ثلاث أسر في مساكن منفصلة في وقت واحد ثالثا!! فكم نسبة الشباب السعوديين القادرين على دفع 25 ألف ريال شهريا كحد أدنى لإعالة هذه الأسر؟ فضلا عن توفير سائق أو سائقين لقضاء شؤونها، من التوصيل للمدارس والعمل والمستشفى والسوق والسوبر ماركت وزيارة الأهل والأصحاب، وغير ذلك! بل من الشاب الذي يملك من الحكمة ورجاحة العقل والقدرة على الصبر، ليتحمل لوحده مسؤولية إدارة ثلاث أسر سيتعدى مجموع أفرادها الـ 15 شخصا بعد سنوات قليلة؟ ثم من الأبله الذي بعد توفر كل الشروط التعجيزية السابقة فيه سيوافق على الرمي بنفسه في النار بكل رضى وسرور؟ وإذا حدثت المعجزة وعثرنا عليه فأين سنجد النساء الثلاث اللواتي سيوافقن على هذا العرض المخزي الممتهن لكرامتهن، والذي ينقلهن من ملل الوحدة إلى جحيم المشاحنات والغيرة المستعرة في سبيل الصراع على ثلث رجل ثم ربع رجل بعد أن يكمل نصاب الزوجات بمكافأته المجانية بعد عشر سنوات؟ هل يعقل أن ينحدر سعار الشهرة بتفكير المرء إلى هذا الحد؟ وهل الشهرة هدف بحد ذاتها مهما كان المسبب لها، أم نوع الشهرة هو المهم؟ وهل يمكن أن أسر بشهرة تحيلني لأضحوكة ومادة للتندر كما لو كنت مهرجا؟ أم شهرة منبعها التميز وإنجاز ما فيه منفعة حقيقية للآخرين؟ لا يمكن اعتبار من وصل إلى هذه المرحلة سوى مسكين يشعر بالنقص والتهميش، وحاجة ملحة للتعافي عبر لفت الأنظار، كطفل فاق قدرته على الاحتمال منظر والدته تدخل من باب المنزل محتضنة شقيقه حديث الولادة، فملأ الدنيا صراخا وضجيجا وتكسيرا علها تبصره، فاستحق شفقه المحيطين به لا أكثر!