غزة.. مقبرة الجيوش قاهرة الجبابرة

للمرة الثالثة خلال خمسة أعوام تقوم جحافل جيش إسرائيل بضرب قطاع غزة الأعزل والذي يعيش بداخله أكثر من 1،8 مليون إنسان، يعيشون في ظروف

للمرة الثالثة خلال خمسة أعوام تقوم جحافل جيش إسرائيل بضرب قطاع غزة الأعزل والذي يعيش بداخله أكثر من 1،8 مليون إنسان، يعيشون في ظروف بيئية واقتصادية وصحية مرة للغاية، حيث ضربت حولهم حصارا اقتصاديا مدمرا منذ أكثر من عقد من الزمان، والحصيلة هي أكثر من مئتي ألف لاجئ بلا مأوى أو زاد، أكثر من نصف الشعب عاطل عن العمل، الذين يعملون هم بالكاد يكسبون ما يسد رمقهم، وتقوم بحراستهم مجموعة من الفصائل يؤدون عملهم بالقليل من العتاد والسلاح ولكن لا طائرات أو مدرعات أو سفن. بعد أيام من بداية حرب شرسة جدا وغير متكافئة على الإطلاق، استشهد ألفان من المدنيين وجرح أكثر من اثني عشر ألفا، وهدمت أكثر من إحدى عشرة ألف منشأة، ومع ذلك أعلن المعتدي طلب الهدنة ولم يقبل بها المجاهدون إلا بفرض شروطهم، حقيقة لقد دهشنا ودهش العالم أجمع من ذلك، لكن أهل غزة لم يدهشوا إطلاقا فهم يعلمون أن بلادهم كانت وستبقى قاهرة للجبابرة. يقع القطاع بين مفترق طرق تفصل الإمبراطوريات، يحده شمالا برّ الشام، وجنوبا صحراء النقب، وغربا شبه جزيرة سيناء، موقعه هذا جعله ممرا للقوافل التجارية والجيوش. بدأت القصة منذ ستة وعشرين قرنا عندما غزا «الإسكندر الأكبر» إمبراطورية فارس والمتاخمة له عند آسيا الصغرى، فاصطدم بها في معركة «إسرين» وانهزم الفرس سريعا وفتحت الشام أبوابها لاستقباله، فطفق يفتتح المدن الواحدة بعد أخرى حتى وصل غزة فوجد أبوابها مغلقة وهي ترفض التسليم، فاصطدم بها ثلاث مرات وحفر حول المدينة خنادق لا عد لها يستخدمها الأهالي اليوم لجلب البضائع والمؤن إذا أغلقت المعابر، لما أبطأت المدينة على الاستسلام قرر أن يوقع هدنة، يرحل عن البلاد على أن يزوده الأهالي بحمولة ثماني سفن من العتاد ووافقوا فرحل غربا وافتتح مصر ثم جنوبا إلى القرن الأفريقي والهند، وعظمت إمبراطوريته جدا ثم تفككت بعد وفاته ولم تطأ قدم إغريقي أرض غزة. بعد ذلك التأريخ بألف وخمسمئة عام وخلال الحكم الإسلامي، هاجم التتار المشرق بقيادة (هولاكو خان) ودمروا بغداد وقتلوا (المستنصر بالله) آخر الخلفاء العباسيين، بعدها توجه رأسا إلى دمشق وافتتحها عنوة وقتل وسبى خلقا كثيرا ثم أعلنت باقي المدن استسلامها تباعا فطمع في مصر وبعث إلى ملكها «سيف الدين قطز» برسالة تقول: (نحن لا نرحم من بكى ولا نرق لمن اشتكى، وقد سمعتم أننا فتحنا البلاد وطهرناها من الفساد، فعليكم بالهرب وعلينا الطلب). فقتل «قطز» الرسل وعلق رؤوسهم على مداخل القاهرة فاغتاظ هولاكو جدا وبعث بجيش عرمرم، فلما وصل مشارف غزة فوجئ بمقاومة شرسة من أهلها وتراجع عنها كثيرا، فوصلت الأخبار «قطز» وخرج سريعا يلاحق التتار وهم يهربون أمامه حتى أدركهم في «عين جالوت»، فكانت ملحمة عظيمة أعز الله فيها الدين وأهله واندحر المغول وعادوا إلى ديارهم خاسئين. رغم الألم رغم الحصار... شعبك يا غزة جبار جبل أشم... كتب القلم عنك وصاغ أشعار أرض البطولة والفدا يا مهد الأحرار