معرفة

شخصية المؤلف تقاوم هوية الناشر في كتاب الرياض

تحمل بعض الكتب هوية بصرية خاصة تمكن القارئ من تمييز الدار الناشرة لها دون أن يضطر إلى قراءة اسمها، ولا سيما أولئك الذين يملكون خبرة واسعة مع المكتبات ومعارض الكتب. ورغم أن تصميم الغلاف أو نوعية الطباعة يعدان أمرا شكليا للوهلة الأولى إلا أن كثيرا من دور النشر تضع لها اعتبارا خاصا كواجهة للكتاب وللدار بشكل عام، كما أن المؤلفين يضعونها في مقدمة أولوياتهم عند اختيار الناشر. وتقوم الهوية الأساسية في كتب دار ميلاد للنشر، على صورة تخيلية للشخصية المستمدة من فكرة الكتاب مع تعمد احتلال الصورة مساحة كبيرة في غلافه، وأحيانا يجسد العنوان في رسم، وإن كانت هذه القاعدة تختلف في بعض الإصدارات، بناء على رغبة بعض المؤلفين بحسب ما أكده القائمون على الدار التي تشارك هذا العام للمرة الأولى بجناح مستقل. أما في دار الساقي فإن الهوية تعتمد بشكل كبير على الفن التشكيلي كمكون رئيس للغلاف، حيث تتوسط لوحة فنية مساحة بيضاء ثابتة في كل الأغلفة، مع استخدام الخط نفسه دائما في كتابة العنوان، وتأتي بعض اللوحات معبرة عن مضمون الكتاب، في حين أن الغالبية العظمى منها لوحات فنية تتراوح بين التجريدية والسريالية، التي قد تمثل دلالات رمزية عن الكتاب. ومن الملاحظ حضور الكتب الساخرة بشكل واضح في دور النشر المصرية، فهوية هذه الكتب تكاد تتشابه حتى مع اختلاف الدار الناشرة لها، كونها تقوم عادة على الأسلوب الكاريكاتيري أو الرسم ذي الطابع الفكاهي الذي يعبر عن الكتب أو يجسد صورة مؤلفه بشكل فني لا تنقصه المفارقة أحيانا، مع ملاحظة أن هذه الكتب تتميز بالعنوان الصادم على نحو طريف، وبالتالي فإن الهوية البصرية الكوميدية هي غالبا لكتاب من مصر، بغض النظر عن أي دار نشر. وثمة عامل مشترك بين دور نشر مثل الأدب العربي ومدارك وبلاتينيوم، فهي تتيح كامل الحرية للمؤلف باختيار الغلاف المناسب له، مع اقتراح خيارات له في هذا الجانب، والهوية هنا يمكن تمييزها باليد قبل العين، من خلال استخدام أنماط وتقنيات مختلفة عن الطباعة التي اعتادها القارئ، ويتعلق الأمر بدرجة من اللمعان في الصور مع بروز الحروف عن مستوى الورق بشكل واضح، كما أن بعض هذه الدور لا تمانع في تلوين الصفحات الداخلية أو تدعيمها بالخلفيات والصور، وهو أسلوب يقرب الكتاب إلى فكرة المجلة. في جوانب أخرى، بدأت دار طوى تميل إلى فلسفة الغلاف الأبيض بالكامل مع دخول رسم متناهي البساطة عليه، وهو ما مثل هوية للدار ولا سيما في إصداراتها المترجمة الصادرة أخيرا، فيما استمرت دار جداول على هوية ميزتها منذ البداية، وهي عبارة عن خط أفقي في الجزء الأسفل من الكتاب يوضع تحته شعار الدار فقط، وقد بقيت سمة تميز كتب هذه الدار حتى مع اختلاف الألوان واختلاف الغلاف الذي يحوي أحيانا صورة لشخص أو مكانا أو لوحة فنية، مع ملاحظة ثبات هوية العنوان الذي يكتب دائما بخط النسخ. ويصل الالتزام بالهوية أقصى درجاته لدى المنظمة العربية للترجمة التي تحمل جميع كتبها درجة لونية فاتحة من الأصفر مع وجود خطين أفقيين يتوسطها العنوان الذي يكتب بلونهما بالضرورة، كما هو الحال في مركز دراسات الوحدة العربية، حيث إن التصميم الموحد يقسم الغلاف أفقيا لثلاثة أقسام يعتليها شعار الدار ويتوسطها اسم الكتاب على خلفية صفراء غالبا، فيما يأتي اسم المؤلف في الأسفل.