معرفة

أسئلة الكتابة الخمسة: مشبب ثابت

ستجد نفسك متورطا بتلك الخفة والشاعرية، ولن يكون الخلاص سهلا من كاتب يشبهك. 'مشبب ثابت' يكتب بطريقة تجعل القارئ يجزم أن كل سطر في الكتاب قد أشار إليه وقصد ما في قلبه. هنا وفي هذا الحوار يحكي لنا عن علاقته الفريدة بالكتابة، مما يجعلها شغفا ممتدا وفعلا خالدا: ماذا تكتب؟ أكتب القصة، المقالة، التدوينة، الخاطرة، المنشور، التغريدة. صحيح أن هذه ليست كلها فنونا أدبية بالمعنى العلمي لكنها قوالب شائعة للكتابة. وأنا مع فكرة أن يتكيف الإنسان مع قوالب التقنية الحديثة ليعبر عن أفكاره دون الإخلال بأصول الكتابة الجيدة. لماذا تكتب؟ لأتفاعل مع الأحداث والأفكار والناس، أعترض كثيرا وأتفق في بعض الأحيان، أمتدح الجمال والنجاح والإنسانية، وأذم القبح، أحاول فهم كثير من الأحداث كيف حدثت ولماذا حدثت وما هي نتائجها وتبعاتها في المستقبل. أكتب إذا فرحت، أكتب إذا هزمني الحزن، إذا تجاوز الحب حدود قدرتي على كتمانه، وأكتب لأني خائف. لمن تكتب؟ أفتح قنوات مختلفة للتواصل مع الآخرين، التواصل بين الناس صعب، ويزداد صعوبة مع الوقت. وسائل التواصل الحديثة تعطينا وهما خادعا أننا يمكن أن نتواصل مباشرة بشكل أفضل وأسرع لكن هذا ليس حقيقيا. التقنية الحديثة لم تزد على أن جعلتك تشاهد الناس أمامك، تتصل بهم دون وسطاء تقليديين لكن التواصل معدوم. هناك وسطاء كثر.. اللغة المشتركة، الاهتمام المشترك، الاعتبارات الاجتماعية، الأسلوب وغيرها. القصة تمثل صيغة متفقا عليها إلى حد ما للتفاهم بين الأطراف، يمكنك أن تقول ما تشاء لمن تشاء دون جدال وبالحد الأدنى من إمكانية حدوث سوء فهم. متى تكتب؟ إذا أنهيت كتابا جيدا رغبت في الكتابة، إذا لمحت موقفا إنسانيا مؤثرا فإن أول شيء يخطر في بالي هو أن أكتب عنه، إذا قرأت خبرا أو شاهدت فيلما أو استمعت لقصيدة أو لمعت في خاطري فكرة ساخرة رغبت في الكتابة. هل الرغبة وحدها كافية؟ لا، لكننا نسرق اللحظة التي يتزامن فيها الوقت الشاغر مع الرغبة والمزاج الصافي لنكتب، وهذا أمر قليل حدوثه لكنه يؤتي ثمره إذا حسن استغلاله. كيف تكتب؟ تبدأ الأفكار صغيرة جريئة، تعلن عن نفسها بحيث يصعب تجاهلها، أعلم يقينا أنها ستكبر مع الوقت ولا مفر من التعامل معها ومداراتها، فهي إن كبرت بطريقة مشوهة أصبحت ضارة، وإن ماتت تحملت وزرها، يبدو الأمر أشبه بمشتل للأفكار، أهتم بشتلة واحدة في كل مرة، أنقلها لبيئة أفضل، أعتني بها وأهيئ الظروف المناسبة لتنمو بالطريقة المثلى، ثم أنظر كيف ينتهي الأمر معها، ولي مع كل شتلة طريقة فريدة. في النهاية قد تعيش النبتة ويراها الناس وأنا أستظل بظلها وأقطف من ثمرها، وقد تموت دون أن يشعر بوجودها أحد، في كل مرة أتجاوزها وأعود لشتلة أخرى فأشغل بها.