سنة مثيرة عاشها النفط السعودي
الاحد / 6 / جمادى الآخرة / 1438 هـ - 19:45 - الاحد 5 مارس 2017 19:45
عاش النفط السعودي سنة مثيرة العام الماضي. فمن بداية يناير حتى نهاية ديسمبر لم تتوقف الأحداث وكانت السعودية في قلب اهتمامات السوق، وحكت البيانات النفطية للمملكة هذه القصة بشكل واضح.
في يناير أنتجت السعودية 10.23 ملايين برميل تقريبا، بزيادة عما أنتجته في الشهر نفسه قبل عام مضى عندما ضخت في يناير 2015 نحو 9.68 ملايين برميل.
وفي فبراير أبقت السعودية الإنتاج على ما هو عليه في يناير، وهو مستوى أعلى من فبراير 2015، وهذا كان دليلا على أن المملكة تنوي الحفاظ على حصة فوق 10 ملايين برميل يوميا.
بداية الهلع
ووسط معدلات الإنتاج العالية من السعودية وباقي المنتجين كانت أسعار النفط تعيش قصة أخرى، إذ هبطت الأسعار في بداية العام بسبب مخاوف اقتصادية من الطلب الصيني وعوامل أخرى إلى مستويات الـ30 دولارا. هنا بدأ الهلع يدب في السوق والمنتجين، خاصة عندما خرجت المصارف الكبرى لتقول إن الأسعار قد تهبط إلى مستويات العشرينات إذا ظل الإنتاج عاليا.
وأمام الأسعار المتدنية للنفط، فاجأت المملكة العالم في فبراير عندما اجتمع أربعة وزراء في الدوحة هم علي النعيمي ووزير الطاقة الروسي إلكساندر نوفاك ووزير الطاقة القطري محمد السادة ووزير النفط الفنزويلي ايلوجيو ديل بينو.
واتفق الوزراء الأربعة مبدئيا على تجميد إنتاجهم عند مستويات يناير شريطة أن يساهم كل كبار المنتجين في العالم في هذا الاتفاق. واتفق الأربعة على أن يواصلوا الجهود لإقناع الباقين بالانضمام.
تسارع الأحداث
وظل إنتاج النفط السعودي عند مستوى 10.2 طيلة الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي التزاما بالاتفاق المبدئي. وفي أبريل تسارعت الأحداث عندما اتفق نحو 16 منتجا من داخل وخارج منظمة أوبك على الاجتماع في الدوحة مجددا وتوقيع اتفاقية تجميد الإنتاج.
ولكن الأمور لم تسر كما كان مخططا لها، حيث امتنعت إيران عن الحضور وعن تجميد إنتاجها، وهو ما دعا المملكة للاعتراض على توقيع الاتفاقية، وانهارت مباحثات الدوحة واتفق المنتجون على مواصلة النقاشات لإقناع مزيد من المنتجين بالانضمام.
ما الذي جعل إيران ترفض تخفيض إنتاجها؟
لقد قادت الولايات المتحدة بتوجيهات من الرئيس السابق باراك أوباما جهودا كبيرة لرفع الحظر النفطي عن إيران وإنهاء مسألة برنامجها النووي، وهو ما تم في يناير، ومنذ ذلك الشهر وإيران عازمة على استعادة حصتها التي فقدتها قبل الحظر الذي فرض عليها في يوليو 2012.
تسلم الفالح
وفي مايو تقاعد النعيمي من منصبه كوزير للبترول، وتسلم مكانه المهندس خالد الفالح، ومنذ أول أيامه في الوزارة كان عازما على التوصل إلى اتفاق مع باقي المنتجين لدعم أسعار النفط.
لقد كان النصف الثاني من العام مغايرا للنصف الأول من ناحية الإنتاج ومعدلات التصدير. وبدأ إنتاج السعودية يزداد مع دخول أشهر الصيف من 10.55 ملايين برميل يوميا في يونيو إلى مستوى تاريخي في يوليو عند 10.67 ملايين برميل يوميا، وواصلت السعودية الإنتاج بمستويات عالية ووصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 10.72 ملايين برميل يوميا في نوفمبر.
وشهد النصف الثاني من العام كذلك تعيين أمين جديد لمنظمة أوبك وهو النيجيري محمد باركيندو الذي كان عازما مثل الفالح على التوصل إلى اتفاق للمنتجين.
اجتماع طارئ
وحدث ما لم يكن متوقعا في الجزائر في سبتمبر عندما ذهب وزراء أوبك لحضور فعاليات المؤتمر الوزاري لمنتدى الطاقة العالمي وتحول اجتماعهم الودي التشاوري إلى اجتماع طارئ لأوبك اتفق فيه الجميع على خفض إنتاجهم بنحو 1.5 إلى مليوني برميل يوميا.
واستمرت المباحثات لإقناع إيران والعراق وبعض الدول الأخرى بخفض الإنتاج وتم تشكيل لجان فنية وتم عقد مؤتمرات للخبراء الفنيين في فيينا للوصول إلى شكل نهائي لاتفاق الجزائر. ولكن أسعار النفط لم تزل فوق 40 دولارا بقليل إذ إن السوق لا يزال في حالة ترقب لما سيسفر عنه الاتفاق.
تحت الضغط
وظلت المملكة تضخ النفط بمعدلات عالية وهو ما جعل المنتجين تحت ضغط شديد، خاصة أن المملكة لديها قدرة إنتاجية أعلى وقادرة على توسيع حصتها السوقية أكثر من باقي الدول.
ورفعت السعودية صادراتها في آخر شهرين من العام الماضي فوق مستوى 8 ملايين برميل يوميا وهو من المستويات العالية التي لم يصل إليها التصدير سوى عام 2003 أثناء الغزو الأمريكي للعراق. وكانت صادرات المملكة من النفط في نوفمبر سجلت ارتفاعا حادا إلى 8.258 ملايين برميل يوميا في ظل هبوط إنتاج المصافي.
وكان الإنتاج الروسي أيضا عامل ضغط، حيث وصل إلى معدلات لم تشهدها البلاد منذ الحقبة السوفيتية عند 11 مليون برميل يوميا.
جهود دبلوماسية
وأمام الجهود الدبلوماسية للوزراء والسياسيين ومن قبل قادة دول أوبك والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خضع الجميع في أوبك للمصلحة العامة وقرروا أخيرا الاتفاق في نوفمبر على خفض الإنتاج ثم انضم إليهم باقي المنتجين من خارج أوبك في ديسمبر.
وبدأ إنتاج النفط السعودي في الهبوط في ديسمبر، وانعكس هذا على معدل التصدير كذلك، حيث هبطت الصادرات في ديسمبر إلى 8.014 ملايين برميل يوميا، بينما ظل إنتاج الخام مرتفعا وإن كان قد تراجع 255 ألف برميل يوميا إلى 10.465 ملايين برميل يوميا في ديسمبر.
نهاية سعيدة
وأظهرت البيانات التي تنشرها مبادرة البيانات المشتركة للمنظمات والتي اطلعت عليها «مكة» أن السعودية صدرت في المتوسط 7.65 ملايين برميل يوميا في العام الماضي مقارنة بنحو 7.39 ملايين برميل يوميا في 2015، وأنهى النفط السعودي العام على متوسط للإنتاج عند 10.46 ملايين برميل يوميا ارتفاعا من متوسط 2015 والبالغ 10.19 ملايين برميل يوميا.
وانتهى عام 2016 نهاية سعيدة لأسعار النفط التي ظلت تتداول بين 50 إلى 55 دولارا طيلة الأشهر الثلاثة الماضية، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 60 دولارا في الأشهر المقبلة.
أما النفط السعودي فقد هبط تحت 10 ملايين برميل يوميا في يناير من 2017 للمرة الأولى من فبراير 2015، وسيظل هكذا على ما يبدو حتى ينتهي الاتفاق العالمي يونيو المقبل.