اقضوا حوائجكم بالكتمان!
الأربعاء / 18 / جمادى الأولى / 1438 هـ - 18:15 - الأربعاء 15 فبراير 2017 18:15
من الواضح في عنوان هذا المقال، دلالة تشير إلى معنى لحديث اتسع رواجه بين الناس، فالمشهور عن هذا الحديث نصا، بغض النظر عن صحته وضعفه، هو: استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان، وهذا المعنى صحيح من حيث التجربة، أما إذا خرجت كلمة النجاح منه وحل مكانها كلمة (قضاء) لاختلاف الروايات في هذا الحديث يصبح السياق حينها: استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان. ففي هذه الحالة يكون سياق الحديث مطلقا في التوصية على الكتمان، ويكون هناك تميز وفرق واضح بين المعنيين.
من ناحية الاستشهاد بالمعنى الأول الذي يعني الكتمان حتى النجاح ومن ثم الإعلان، من ناحيته، ونظرا لدوام النجاح لأولئك الذين يقضون حوائجهم صامتين، مسهبين في أعمالهم وقد يخشون مزاحمتهم ومنافستهم، فهو صحيح كما ذكرت أعلاه، فالتجربة أثبتت هنا أن تأجيل التبشير لحين الاكتمال هو الحل، أما من جانب الاستدلال بهذا الحديث ونسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى وإن كان معناه صحيحا، فهما مغالطة لأمرين، أولهما: إن هذا الحديث إذا أخذ وطبق بالمطلق، كما يفعل البعض في دوام الكتمان حتى بعد النجاح، فإنه يتناقض مع الآية الكريمة في قوله تعالى «وأما بنعمة ربك فحدث»، ثانيهما: إنه لا يصح أن ينسب هذا الحديث إلى النبي وهو حديث موضوع، كما حكم بوضعه كل من الإمام أحمد والإمام يحيى بن معين والإمام ابن أبي حاتم. قال أحمد بن حنبل ويحيى: هذا موضوع وليس له أصل. كما ذهب أبي حاتم في هذا بالقول: هذا حديث لا يعرف له أصل. أيضا الشيخ الألباني -رحمه الله- حسنه ولم يصححه، والأحرى أن يستشهد به لمعانيه الصحيحة في (المشهور)، ولا يستدل به لضعف سنده.
البعض لا يفرق بين أثناء قضاء الحوائج وبين إنجازها وتحقيق الهدف والإرادة والمبتغى، لا يفرق بين الماضي والحاضر والمستقبل، فيستمر الجحود والكتمان عندهم فيصبح عادة روتينية اعتادوا عليها، عادة سرطانية تنتشر فتنتقل من فوبيا الإعلان والاستبشار إلى إشكاليات سيكولوجية مرضية تحتاج إلى علاج، فمن صور المبالغة في هذا الصدد تجد من يستر مولودا جديدا وهبه الله له ومن يجحد منزلا يدخله كل يوم وأمام المارة، أو سيارة يمشي بها أمام الملأ في الطرقات والممرات، والمثير الأكثر غرابة في ذلك، هناك من يجحد شراء سيارة جديدة، أو امتلاء منزل، أغرقته الديون والقروض بسببها! فمثل تلك الأمثلة، المولود، المنزل، السيارة، ونحوها في نظري أنها لا تجحد ولا تستر، لأنها في الواقع تقع على خانة المكشوف والمجهور أمام الناس.
إن من يجحد حقيقة المكشوف والمجهور، الحقيقة التي قد يكشفها الناس على المدى القريب، إنه لا يحرم نفسه من تهنئة الغير ومباركتهم له فحسب، وإنما يصنع من نفسه جراء هذا التعامل، سياسة في المغالاة بالخش والدس، فهذه السياسة قد تشعل لهيب التوتر في العلاقات مع الآخرين، وقد تخلص إلى النفران فتجعل الناس يتحاشونه وتجعلهم يحاذرونه في كل صغيرة وكبيرة، حينما نقرأ قوله تعالى «لا تقصص رؤياك على إخوتك»، ندرك حزة الصمت، وحينما نقرأ «وأما بنعمة ربك فحدث»، ندرك حزة الكلام والتبشير، فالتوازن والاعتدال بين الحزتين هو الخيار الأمثل، والخلاصة هنا لكل مقام مقال.
من ناحية الاستشهاد بالمعنى الأول الذي يعني الكتمان حتى النجاح ومن ثم الإعلان، من ناحيته، ونظرا لدوام النجاح لأولئك الذين يقضون حوائجهم صامتين، مسهبين في أعمالهم وقد يخشون مزاحمتهم ومنافستهم، فهو صحيح كما ذكرت أعلاه، فالتجربة أثبتت هنا أن تأجيل التبشير لحين الاكتمال هو الحل، أما من جانب الاستدلال بهذا الحديث ونسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى وإن كان معناه صحيحا، فهما مغالطة لأمرين، أولهما: إن هذا الحديث إذا أخذ وطبق بالمطلق، كما يفعل البعض في دوام الكتمان حتى بعد النجاح، فإنه يتناقض مع الآية الكريمة في قوله تعالى «وأما بنعمة ربك فحدث»، ثانيهما: إنه لا يصح أن ينسب هذا الحديث إلى النبي وهو حديث موضوع، كما حكم بوضعه كل من الإمام أحمد والإمام يحيى بن معين والإمام ابن أبي حاتم. قال أحمد بن حنبل ويحيى: هذا موضوع وليس له أصل. كما ذهب أبي حاتم في هذا بالقول: هذا حديث لا يعرف له أصل. أيضا الشيخ الألباني -رحمه الله- حسنه ولم يصححه، والأحرى أن يستشهد به لمعانيه الصحيحة في (المشهور)، ولا يستدل به لضعف سنده.
البعض لا يفرق بين أثناء قضاء الحوائج وبين إنجازها وتحقيق الهدف والإرادة والمبتغى، لا يفرق بين الماضي والحاضر والمستقبل، فيستمر الجحود والكتمان عندهم فيصبح عادة روتينية اعتادوا عليها، عادة سرطانية تنتشر فتنتقل من فوبيا الإعلان والاستبشار إلى إشكاليات سيكولوجية مرضية تحتاج إلى علاج، فمن صور المبالغة في هذا الصدد تجد من يستر مولودا جديدا وهبه الله له ومن يجحد منزلا يدخله كل يوم وأمام المارة، أو سيارة يمشي بها أمام الملأ في الطرقات والممرات، والمثير الأكثر غرابة في ذلك، هناك من يجحد شراء سيارة جديدة، أو امتلاء منزل، أغرقته الديون والقروض بسببها! فمثل تلك الأمثلة، المولود، المنزل، السيارة، ونحوها في نظري أنها لا تجحد ولا تستر، لأنها في الواقع تقع على خانة المكشوف والمجهور أمام الناس.
إن من يجحد حقيقة المكشوف والمجهور، الحقيقة التي قد يكشفها الناس على المدى القريب، إنه لا يحرم نفسه من تهنئة الغير ومباركتهم له فحسب، وإنما يصنع من نفسه جراء هذا التعامل، سياسة في المغالاة بالخش والدس، فهذه السياسة قد تشعل لهيب التوتر في العلاقات مع الآخرين، وقد تخلص إلى النفران فتجعل الناس يتحاشونه وتجعلهم يحاذرونه في كل صغيرة وكبيرة، حينما نقرأ قوله تعالى «لا تقصص رؤياك على إخوتك»، ندرك حزة الصمت، وحينما نقرأ «وأما بنعمة ربك فحدث»، ندرك حزة الكلام والتبشير، فالتوازن والاعتدال بين الحزتين هو الخيار الأمثل، والخلاصة هنا لكل مقام مقال.