أجمع شعراء على اهتمام دور النشر بالجانب الربحي دون الجوانب الإبداعية للمحتوى المراد طباعته، في ظل تفضيل كثير من تلك الدور تصنيفات الروايات والقصص والتقليل من أهمية دواوين الشعر بحجة متطلبات السوق. وأكد الشاعر والناقد محمد خضر حق دور النشر في اختيار الفن الذي تقدمه سواء كان رواية أو سيرة ذاتية أو كتبا لأصحاب الحسابات ذات المتابعين الكثر، وقال لـ«مكة» «قد يمتد الأمر نحو أزمة وعي وسيطرة العقل التجاري، مما يعطي شكلا محددا للثقافة والإبداع ترسمه المؤسسات الربحية البحتة قبل أي شيء آخر». ويرى أن دور النشر يهمها بالدرجة الأولى أن يدفع الكاتب مقابل النشر، دون اهتمامها بتوزيع الكتاب بعد طباعته، وأضاف «اضطر إلى توزيع دواويني بنفسي عبر البريد لمن يطلبها، بينما رفضت مسودة كتابي بحجة عدم امتلاكي لمتابعين كثيرين في مواقع التواصل الاجتماعي». ولخص مشكلات الأخطاء الفنية التي تتحملها دور النشر، في استغلال الكاتب المحلي بمقابل مادي باهظ إزاء طباعته بشكل متشابه في كل دور النشر، خاصة أنه من النادر وجود دور تهتم بالجودة والإخراج والتصميم المميز. بينما عد الشاعر عبدالرحمن الشهري الرواية أوفر حظا من الشعر والقصة القصيرة والمسرح والأطروحات العلمية وغيرها من الكتب، باعتبارها سلعة يقبل عليها القراء. ويقول لـ«مكة» «أسهم تنظيم الجوائز للروايات في تنافس الناشرين على إصدارها، ومن ثم تسويقها ورواجها، فضلا عن قدرتها الخاصة على رصد التحولات السياسية والثقافية والاجتماعية أكثر من الفنون الأخرى. الشهرة والسوق أمام ذلك، أوضح مالك دار مفردات للنشر عبدالرحيم الأحمدي أن توقعات استقبال السوق للدواوين الشعرية سببه تقديس أصحابها لإصداراتهم، وقال لـ«مكة» «تكمن المشكلة الحقيقية في معاناة الناشر من حالة عدم طلب السوق لبعض الفنون، إضافة إلى أن المكتبات تجذبها الكتب المربحة كالطبخ والروايات». وبين عدم رفضه لأي شخص سواء كان شاعرا أو كاتبا ناشئا أو أصيلا، شريطة الطباعة على حسابه الخاص وتحمله تبعات التكلفة والتوزيع على المكتبات. بينما ذكر مالك دار الحضارة للنشر والتوزيع محمد بن محفوظ لـ«مكة» أنه يرحب بطباعة الدواوين الشعرية على حساب الشعراء الخاص، بشرط أن يكون الشاعر مشهورا في المقام الأول. معاناة الشعراء من جهته، فند مالك الدار العربية للعلوم «ناشرون» بسام شبارو معاناة الشعراء أثناء طباعة دواوينهم الشعرية في اهتمام الناشر بحقوق النشر والطباعة والتوزيع لغرض البيع، وارتباطه بموافقة مديري المكتبات على عرض كتبه لديهم، وتحديد أنواع الكتب بحسب طلب السوق. ويقول لـ«مكة» «فعليا القراء هم من يحددون نوع الكتب ويفرضون طلب الشراء من المكتبات وانتقاء الدور للكتب أيضا».