تفاعل

لحظات تشتاق كما نشتاق

امتنان محمد برناوي
نكبر في كل يوم، بل في كل دقيقة وثانية، وكل هذا يضاف إلى أعمارنا فتزيد وتنقص في آن واحد، وفي تلك الأثناء نعيش التغير من حولنا، ذلك التغير الحاصل لا محالة، منه ما نتقبله ونتكبل به، ومنه ما نغمض أعيننا ليلا ونتمنى أن يزول صباحا، هذا ما يحدث لنا جميعا، وهذا هو تعريف الحياة باختصار في حال عجزنا أن نعطي لها تعريفا يمثلها.

ونحن في زخم الحياة تمر علينا أوقات، بل هناك لحظات من حياتنا تهيج بين الحين والآخر وتصرخ، وكثيرا ما يتجاهل الناس صراخها، ولكن حتما أنك قد سمعتها تنوح في يوم من الأيام.

ما هي تلك اللحظات؟! أنا لحظة بسيطة قد عشتني سابقا كروتين، تكررت عليك مرارا بين الفينة والأخرى، ولكن مهلا لم أكن كغيري، أنا تلك اللحظة وأي لحظة؟! لحظة اجتماع العائلة، لحظة الفرح ولحظة الحزن أيضا، لحظة تجتمع فيها أنت وأفراد عائلتك في بقعة من بقاع الأرض، أنا تلك اللحظة التي تقهقه فيها أنت بكل سعادة ويصرخ أخوك: ما الذي يضحكك يا فلان؟ فضولا منه حتى يشاركك، أنا تلك اللحظة التي تلعب فيها مع أخيك وتنتصر عليه، ثم تركض بشكل دائري وبتكرار عجيب مصفقا بكل حرارة، أنا تلك اللحظة التي تستيقظ فيها ليلا وتهرب نحو تلك الأحضان التي فتحت لك ومن أجلك فقط، أنا تلك اللحظة، وتلك.

عشتني بكل بساطة حتى انتهيت، وقد لا تتألم لفراقي الآن، أما أنا فأصيح وأصرخ: أين ذهبتم عني؟ لماذا تركتموني وحيدة؟ لماذا لم تعودوا تقومون بما عهدناه بيننا؟ أين الناس؟ لقد اشتقت حقا، فأنت من تجعل لي قيمة، ارجع وأعدني قليلا، وعش معي فأنا الآن فعلا وحيدة، أصبحتم منشغلين عني، ولن أقول بماذا فأنتم أعلم مني.

لحظات فقدناها حتى وإن لم نتحدث فحتما شعرنا بذلك، لست فقط من يشتاق، فنحن أيضا نتقطع من شوقنا لك.