مستقبل صناعة الطيران
الأربعاء / 11 / جمادى الأولى / 1438 هـ - 19:30 - الأربعاء 8 فبراير 2017 19:30
لم تأت توقعات سوق الطيران حتى عام 2035 م مفاجئة في تقريري شركتي بوينج الأمريكية وايرباص الأوروبية، والتي تصدر بشكل سنوي، إذ لم يؤثر الكساد الاقتصادي العالمي الحالي على صناعة الطيران، فعدد المطارات والطائرات والمسافرين في ازدياد مطرد وبمعدلات كبيرة، فالرغبة موجودة لدى الناس في التنقل بين المدن والدول بأسرع وقت وأقل جهد، والتنافس موجود أيضا بين المصنعين ومقدمي الخدمة في التوسع وزيادة الإيرادات. ويمكننا توضيح ذلك ببساطة، فالدليل على زيادة حاجة الناس ورغبتهم في السفر ارتفاع عدد المسافرين في عام 2006 م من 2,257 مليون مسافر إلى 3,533 ملايين مسافر في عام 2015 م. والدليل على زيادة حجم الإيرادات هو ارتفاع نسبة إشغال المقاعد في الطائرة من 76% في عام 2006 م إلى 80% عام 2015، إضافة إلى ارتفاع معدل تحليق الطائرة من 8.1 ساعات لكل يوم في عام 2006 إلى 9 ساعات في 2015.
وبالعودة إلى تقريري بوينج وايرباص تقول التقديرات إنه وبحلول عام 2035 سوف يكون عدد الطائرات في العالم 45,240 طائرة مقارنة بآخر إحصائية في عام 2015، والتي تقدر بـ 22,510 طائرات. نتحدث هنا عن ضعف العدد الحالي، والذي سوف ينعكس على عدد المسافرين وحجم المطارات. وهذه الزيادة في عدد الطائرات هي نتيجة بيع وتسلم 39,620 طائرة خلال عشرين عاما من الآن، إذ تقدر قيمة هذه الصفقات بـ 5,930 مليار دولار أمريكي، نصيب الأسد فيها 71% سوف يكون لصالح الطائرات ذات الممر الواحد (بوينج 737 وايرباص A320)، فعدد كبير يقدر بـ 28,140 طائرة من هذا النوع سوف يضخ في سوق الطيران خلال السنوات القادمة، وهنا أتوقف قليلا وأقول إنه من المجدي لجميع الشركات التي تعمل في مجال الطيران (تشغيل، صيانة، خدمات أرضية، تموين، تدريب... إلخ) التركيز والتخطيط الجيد لهذا العدد الكبير من طائرات الممر الواحد، بل ومن المفترض التفكير والبحث عن الفرص الاستثمارية التي سوف يخلقها هذا الرقم الكبير.
أما بالنسبة للمطارات فتقول الدراسة إن 30% من نسبة النمو في حركة الطيران سوف تكون من نصيب مسارات جديدة بين مطارات لم تكن تربطها رحلات مباشرة في السابق. وعن المدن الكبرى (Mega cities) على سبيل المثال لا الحصر (طوكيو، لندن، باريس، جدة، إسطنبول، دبي... إلخ) تتكهن الدراسة بارتفاع عددها من 55 مدينة إلى 93، والتي سوف يستخدمها 2.5 مليون مسافر يوميا بحلول عام 2035 م. ولأن الشيء بالشيء يذكر أجدني أؤكد من جديد على ضرورة إنشاء مطار مكة المكرمة كما دعوت إلى ذلك في مقال سابق (2030 تعيد الحياة إلى مطار مكة)، وهي المدينة الجديرة بأن تكون من بين المدن الكبرى في عالم الطيران مستقبلا.
أما من ناحية الموارد البشرية والتي يجب توافرها لتشغيل هذا العدد الكبير من الطائرات، فتتوقع إحدى الدراسات أن العالم سوف يكون في حاجة إلى 617,000 طيار جديد، و679,000 فني صيانة، و814,000 مضيف جوي، وهذه الأرقام سوف تكون مشجعة لأصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في مجال التدريب، وناقوس خطر لبعض الشركات التي لم تستعد بوضع استراتيجيات فاعلة لمواجهة النقص المتوقع مستقبلا، والذي حذرت منه في مقالي الأول - ضمن هذه الزاوية - (نقص فنيي الصيانة ومستقبل صناعة الطيران)!
من خلال الأرقام السابقة، ومن تصور شخصي، سوف نرى توسعا في الطيران الاقتصادي، وزيادة في سعة المطارات من خلال إنشاء مطارات جديدة أو مشاريع توسعة للمطارات الحالية، ومن خلال التطور في صناعة الطائرات من ناحية تقليل تكلفة التشغيل واستهلاك الوقود، ولأسباب أخرى أيضا سوف يصبح السفر أكثر سهولة وأقصر وقتا وأقل تكلفة.