الرأي

أين إنسانية الأطباء الاستشاريين

صالح العبدالرحمن التويجري
بتاريخ 2 /‏‏5 /‏‏1438هـ قرأت مقالا بعنوان (مغالاة الأطباء الاستشاريين) نشرته إحدى صحفنا بقلم أخي عبدالرحمن سعد العرابي انتقد فيه رفع الأطباء الاستشاريين السعوديين العاملين خارج المستشفيات الحكومية إضافيا أجورهم، مما يشكل عبئا كبيرا على مرضاهم علاوة على أنهم لا يقبلون بطاقات التأمين، والكثير من المرضى هم من أبناء الوطن، إلى أن قال إن المستشارين تحولوا من رسل محبة وشفاء إلى رجال أعمال وتجار مال، مما يدل على عدم إدراكهم لعظم وأهمية مهنتهم الإنسانية.. إلخ. هنا أقول: إن ما تحدث عنه الأخ عبدالرحمن هو عين الحقيقة، بل أؤكد ما قاله لأني رأيته بعيني، ففي أحد مجمعات الأسنان رفض التأمين الطبي، ويريدون دفع التكاليف نقدا ومقدما وكاملا، والأمر الثاني أنني دفعت مبلغ 350 قيمة كشف أولي للجهاز الهضمي بخلاف التوابع التي أعقبت ذلك بمستشفى خاص والاستشاري سعودي، نعم سعودي، وللعلم فإن لجوء المرضى إليهم بعياداتهم على أي شكل يكون (مرا) عليهم، ولكن الذي دفعهم إلى اللجوء للاستشاريين (الأمر) بفتح الميم من المر المتمثل بالدوام الواحد لدى المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية أيما تكون تابعيتها إلى جانب طول مواعيدها، ولهذا يصبح المريض بين أمرين علقمين، والعجيب أنك ترى الإخوة الاستشاريين يهرعون مسرعين إذا تلقوا الدعوة من مستشفيات (بعينها)، لأنها تغريهم برفع أجور الفحوصات كما مثلت آنفا، وللأسف فالطمع حولهم إلى أن يكونوا استغلاليين بدلا من أن يكونوا كما قال الأخ عبدالرحمن رسل رحمة وشفاء، وكان من واجبهم النظر إلى إخوانهم المرضى بعين العطف والرحمة والاحتساب للأجر من الله كما فعل طبيب مصري أخصائي صدر يعمل في مستوصف صحي بمدينة بقيق، أجرة الفحص كانت بستين ريالا وبعد الأحداث الاقتصادية التي مرت بالعالم وبوطننا رفعها إلى سبعين ريالا مع اختصار الإجراءات، أو أنه يكتفى باللازم فقط، وليس كما يعمله مستشارونا تحاليل دم وبول وأشعة سينية أو صوتية أو مقطعية ومغذ وو.. مما لا داعي له إلا لدعم المستشفى الذي يعمل فيه فيرتفع نصيبه هو من القصعة، المهم أن لهذا الطبيب المصري شعبية منتشرة لدى الكثير من الناس، وبعضهم يوصي بعضا بالذهاب إليه من الرياض ومن القصيم وخلافهما، الزبدة أن صاحب تلك المستشفيات (عينها) أو من يمثله علم بشعبيته فأرسل إليه دعوة للعمل لدى أحد مستشفياته وقدم له المغريات فرفض، وبعد سنة راجعته وسألته عن تلك الدعوة فأجاب بنعم، وقال: ولكنى رفضت لأنى أعرف أنه سيرفع أجور الفحص على المرضى، وليس كل مريض يستطيع دفع التكاليف، وأنا والحمد لله دخلي الآن مريح وأنا مستريح ومرضاي مقتنعون، وقال فلم ألبي الدعوة على حساب المرضى، فشكرته وأكدت له أن احتسابك هذا لن يضيع عند الله، ولا يزال إلى اليوم يعمل بمستوصفه مرتاح الضمير بما فعل لا يتوقف لحظة واحدة، فجزاه الله خيرا، ولذا أتمنى من الاستشاريين السعوديين أن يأخذوا العبرة من هذا الرجل، أكثر الله من أمثاله، وليحمدوا الله أن بلغهم أمنياتهم وأصبح يشار إليهم بالبنان، وألا يغتروا بوهج المال ويتخذوا المرضى طريقا إلى التجارة، وليتذكروا القسم الذي نطقوا به عند التخرج أو أضمروه بأنفسهم، والقناعة كنز لا يفنى، وفى الحديث من يسر على معسر يسر الله عليه، وفى الآخر اللهم ارفق بمن رفق بأمتي، وشق على من شق عليها.. وبالله التوفيق.