الرأي

كريم بمليار دولار

أرقام فارس

فارس هاني التركي
النجاح الذي حققه تطبيق كريم لم يكن صدفة عابرة، فثلاثة الشركاء المؤسسين تلقوا تعليما ممتازا وعملوا في أفضل الشركات. ماغنوس أولسن ومدثر شيحة عملا سويا في ماكينزي وهي إحدى أفضل المكاتب الاستشارية في العالم، والدكتور عبدالله إلياس درس علوم الكمبيوتر في ألمانيا، حيث عاش وترعرع قبل أن يعود إلى السعودية عام 2009 حيث أسس شركة عنوان في 2012، والتي استحوذت عليها كريم لاحقا في 2014. من أهم صفات رواد الأعمال الناجحين هو قدرتهم على جمع الأموال من المستثمرين (raising funds)، وقد أبدع مؤسسو كريم في ذلك منذ البداية فأقنعوا في عام 2013 شركة الاتصالات السعودية ممثلة في STC Ventures باستثمار 1,7 مليون دولار، وفي الجولة الثانية من التمويل نهاية 2014 أقنعوا مجموعة الطيار وECO Capital باستثمار 10 ملايين دولار، وفي الجولة الثالثة نهاية 2015 ضخت 6 صناديق استثمارية ما مجموعه 60 مليون دولار في شركة كريم. وأخيرا أضحت شركة راكتوين اليابانية (تعمل في مجال الانترنت والابتكار العلمي) وشركة الاتصالات السعودية استثمارا جديدا بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي، وهو ما جعل تقييم تطبيق كريم يبلغ تحديدا مليار دولار أمريكي أي ما يعادل 3,75 مليار ريال سعودي. إنجاز ضخم وكبير لهذه الشركة المحلية الناشئة، والتي بدأت في 4 مدن فقط و15 موظفا (أو Tigers حسبما يحلو لهم تسمية موظفيهم) وألف سائق (أو Captin حسبما يحلو لهم أن يطلقوا عليهم)، ولكنها كانت أسرع الشركات نموا في الشرق الأوسط، فاليوم وخلال وقت قصير أصبحوا موجودين في 47 مدينة ولديهم 850 موظفا و150 ألف كابتن، يخدمون 6 ملايين زبون، وهو العدد الفعلي لمن قام بتحميل تطبيق كريم. قبل البدء في أي مشروع يجب أن تقوم بدراسته جيدا لتعرف حجم السوق وماهي المشكلة التي سوف تقوم شركتك أو منتجك بحلها، وهذا ما قام به مؤسسو كريم فوجدوا أن حجم السوق العالمي يبلغ 100 مليون رحلة أو مشوار سيارة في اليوم الواحد فقط، وها هم اليوم يحققون هذه النجاحات باستحواذهم على حصة سوقية تبلغ 0,2% فقط من هذا الرقم. جميع الاستثمارات التي حصلوا عليها كان هدفها الأول التوسع في مدن أكثر والحصول على حصة سوقية أكبر، ومن أهدافهم كذلك أن يكونوا أكبر موفر لفرص العمل في الشرق الأوسط في عام 2018. كل ذلك بدون إغفال أهمية البحث والتطوير R&D، فكريم وقعت أخيرا مع 4 مراكز أبحاث عالمية، اثنان منها في أمريكا وألمانيا، وذلك لتطوير العديد من الأفكار المستقبلية، مثل السيارة ذاتية القيادة والتي لا تحتاج لسائق يوجهها. وهو ما يثبت أن إدارة كريم تفكر بشكل علمي ومستقبلي دون أن تجعل سكرة النمو تعميها عن رؤية واستشراف المستقبل. المستقبل مليء بالتحديات، فالأنظمة والقوانين لم تشرع بعد في جميع الدول، وهي محط تغير وتحديث مستمر ولكن كعادة رواد الأعمال الذين يقتحمون عالم الأعمال بأفكار جديدة ومغايرة تعيد تعريف قوانين الصناعة مثل Uber وAibnb فهم يتحملون المخاطر، ويستثمرون قبل صدور الأنظمة والتشريعات لأن سرعة عملهم تفوق سرعة بيروقراطية الجهات الحكومية بسنوات ضوئية، فلو انتظرت Uber أو Airbnb صدور الأنظمة التي تشرع عملهم لكانوا حتى الآن في انتظار التصاريح، ولما أصبحت شركاتهم تقدر بمليارات الدولارات، وهذا هو الحال دائما مع التقنيات أو الأعمال المخربة disruptive technology، والمقصود بالمخربة هنا هي تلك التي تخرب نموذج العمل القديم والذي اعتاد عليه الجميع. كريم شركة إقليمية نفخر بها، وهي قادرة على تجاوز الصعوبات، وكذلك الإبداع في تقديم كل ما هو مميز، نرجو أن نرى نماذج مشابهة لها، ونرى سنويا شركات إقليمية ناشئة يتجاوز تقييمها حاجز المليار دولار. fars.a@makkahnp.com