من خطب الجمعة
السبت / 30 / ربيع الثاني / 1438 هـ - 10:30 - السبت 28 يناير 2017 10:30
قوة العقل
«العقل قوة وغريزة، اختص الله به الإنسان، وفضله به على سائر مخلوقاته، فالعقل قوة مدركة تقوم بوظائف عجيبة من ربط الأسباب بمسبباتها، وإدراك الغائب من الشاهد، والكليات من الجزئيات، والبديهيات من النظريات، والمصالح من المفاسد، والمنافع من المضار، والمستحسن من المستقبح، ولفظ العقل لم يرد في القرآن الكريم، وإنما جاءت مشتقاته ومرادفاته، والعقل في الإسلام هو مناط التكليف، ومحل الابتلاء، وبه استنباط الأحكام الشرعية، وبيان مراد الشارع، وبه حسن التصرف في أمور الدين والدنيا ذلك أن العقل مكلف تكليفا صريحا بالنظر في ملكوت السموات والأرض، وإدراك العلاقات أسبابا ومسببات، واكتساب العلوم، والنظر في المصالح، والمفاسد، والمنافع، والمضار، والعدل، والظلم، وإن العالم المعاصر بعلومه وفنونه ومكتشفاته ومخترعاته ما أصاب من خير ومنافع فمن إعمال العقل، وما أصاب من سوء ومفاسد فمن حرية العبث والهوى والبعد عما جاء به المرسلون من الحق والهدى، ولا يجوز الخلط بين الأمرين، وبنو آدم بالعقل والعلم يرتقون إلى مصاف الملائكة الأطهار، والإنسان مسؤول عن حفظه عقله، والله سائله عما استرعاه في عقله، وحسن استخدامه، شأنه في ذلك شأن كل النعم من عمر وصحة، ومال وبنين، وحفظ حواسه، وسلامة أجهزته وأنه من أجل ذلك فإن ذا العقل السليم، والمنهج المستقيم، يربأ بنفسه عن الدنايا، وينأى عن المحقرات، ولا يميل مع الهوى، ولا يخضع للعادات، وما عليه الآباء، والأسلاف، ويتجنب العناد، والمكابرة، والمراء».
صالح بن حميد - الحرم المكي
عبادة الدعاء
«قدر الله أسباب كل خير وسعادة في الدنيا والآخرة، وقدر أسباب كل شر في الدارين فمن أخذ بأسباب الخير والفلاح ضمن الله له صلاح دنياه وكان له في الآخرة أحسن العاقبة مخلدا في جنات النعيم فائزا برضوان الرب الرحيم، ومن أسباب الصلاح والإصلاح والفلاح وتتابع الخيرات وصرف النوازل والعقوبات ورفع المصائب الواقعة والكروبات الدعاء بإخلاص وحضور قلب وإلحاح فالرب جل وعلا يحب الدعاء ويأمر به، والدعاء مرغب فيه في كل وقت فهو عبادة يثيب عليها الرب أعظم الثواب وهو محقق للمطالب كلها الخاصة والعامة الدينية والدنيوية في الحياة وبعد الممات، ولمنافع الدعاء العظيمة شرعه الله في العبادات المفروضة وجوبا أو استحبابا رحمة من ربنا سبحانه وتكرما وتفضلا لنعمل بهذا السبب الذي علمنا الله إياه ولو لم يعلمنا الدعاء لم تهتد إليه عقولنا، تشتد الحاجة إلى الدعاء دائما، خاصة في هذا العصر مع تظاهر الفتن وكثرتها وحلول الكوارث المدمرة ونزول الكربات بالمسلمين وظهور الفرق المبتدعة، ومع الأضرار التي لحقت بكل فرد مسلم أخرج من دياره بظلم ومسه الضرر وتعسرت حوائجه، ومن شروط الدعاء وآدابه أكل الحلال ولبس الحلال، والتمسك بالسنة والاستجابة لله تعالى بفعل أوامره واجتناب نواهيه، ومن أسباب إجابة الدعاء الثناء على الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم».
علي الحذيفي - الحرم النبوي