الأمن أولى من طلب الرزق ومقدم على عقيدة المسلم
الأربعاء / 29 / ربيع الأول / 1438 هـ - 20:15 - الأربعاء 28 ديسمبر 2016 20:15
نشرت إحدى الصحف مقالا لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور حمزة بن سليمان الطيار، بعنوان: رجال الأمن «المباحث العامة أنموذجا»، وما قاله جدا في غاية الجمال، ولكن لي ملحوظة صغيرة أو مداخلة بسيطة بإذن الله تعالى وهي -مع احترامي له بأنني قد أكون غير مستوعب في فهمي- قوله (بل إن الأمن ثالث ثلاثة..إلخ).
وبعد استخارتي الله، ثم مشورتي لبعض من لهم في العلم فيما أراه شخصيا بأن الشيخ حمزة -والله حسبه وحسيبي، ولا أزكيه أو أزكي نفسي على الله- وقاف عند ومع الحق حينما يبلغ أو يقرأ عن استدراك حول مقولة له مثلا، ولكوني في تصوري البعيد مع إدراكي وجدت بأن الأكثر صحة أو الأحرى كمالا هو بأن (الأمن أول ثلاثة) لذا أرفق هذه المشاركة بأمل إتاحة الفرصة في نشرها لما فيه من المصلحة العامة. قال تعالى «وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر..» آية 26 سورة البقرة.
وقال تعالى «وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام» آية 35 سورة إبراهيم.
فليس أدنى شك أن شرع من كان قبلنا شرع لنا -أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم- ما لم يخالف شرعنا، ومما يعرفه كثير من أهل العلم وطلابه أن العبرة في عموم اللفظ لا بخصوص السبب أو إن صح التعبير في مناسبة النزول.
فعن سلمة بن عبيدالله بن محصن الأنصاري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من أصبح آمنا في سربه معافا في جسده عنده طعام يومه فكأنما حيزت له الدنيا»، ويلاحظ في الآيتين الكريمتين كما سبق وأيضا في هذا الحديث بالذات الابتداء أو البداية في الأمن، حيث تقديم الأمن على الصحة مع العافية وتقديم الأمن على طعام اليوم الواحد، بل وهناك من يرى أن الأمن أولى من صحة البدن وعافية الجسم مع تناول الأطعمة للتغذية، ومن يتأمل جيدا الآية القرآنية يتأكد له بأن الحياة والمعيشة لا تستقيم بعد الله إلا بالأمن، فكيف سيقوم بتأدية الواجبات الشرعية مثلا لا حصرا كأداء الصلاة جماعة في المسجد، وكيف تتم عملية نقل وإيصال الزكاة لمن يستحقها، وكيف سيسافر للعمرة أو الحج أو للزيارة أو حتى لصلة الرحم وصلة الأقارب وبر الوالدين إن كانوا بعيدين عنه، أو لطلب العلم إلا مع وجود الأمن المستتب، بل وكيف يأمن على ماله وعرضه مع شرفه، كيف يطمئن على عائلته من نساء وأولاد وما له من أموال إن لم يتوفر الأمن، أيضا كيف سيطلب الرزق ويضرب في الأرض، المهندس في مجاله الصناعي أو المعماري، والمعلم في مدرسته مع طلابه والأطباء في مستشفياتهم لعلاج الجرحى والمرضى، والفلاح في مزرعته أو بستانه، والراعي مع مواشيه، وكذا وكذا وكذا.
لذا ولغيره فإن ما نص عليه هذا الحديث حرفيا -إذ لا مجال لأدنى اجتهاد مع النص- فنبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام الواضح بأنه قدم الأمن على غيره، فالأمن أول الثلاثة وليس ثالثها، وقبيل نهاية هذه الكلمات أرجو أن أكون وفقت في التذكير بهذه المعلومات، فإن كانت خيرا فمن الله وحده، وإن كانت الأخرى فمن نفسي والشيطان والله ورسوله براء منها.
وما كلماتي إلا نفثات من حشاشة قلبي، وقد سبق لي أن تشرفت في العمل الأمني العسكري، وخدمت وطني الغالي حوالي 34 عاما أو 35 سنة إلى أن تقاعدت في إحدى القطاعات التابعة لمقام وزارة الداخلية، ولئن قيل وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه فأيضا «وطن نعيش فيه واجب علينا أن نحميه ونفديه».
أسال الله عز وجل فهو ولي ذلك والقادر عليه أن يزيد حكامنا -في هذا البلد الطاهر (المملكة العربية السعودية)- أن يزيدهم نصرا وتمكينا وأرجوه سبحانه أن يديم الصحة ويزيد من التوفيق مع الخير لمليكنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الحزم والعزم -سلمه الله- وسلم ولي عهده، سمو الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، وولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع، كما نرجو الله العلي القدير أن يحرس بلادنا وجميع بلاد المسلمين من كيد الكائدين الحاقدين الحاسدين، ونتمنى بدعوات خالصة لله صوابا على سنة رسول الله أن ينصر جنودنا المرابطين على الحدود، ويوفق جميع رجال أمننا بمن فيهم -بل وفي مقدمتهم- رجال المباحث العامة والاستخبارات.