تداعيات اغتيال السفير الروسي في تركيا
الاحد / 26 / ربيع الأول / 1438 هـ - 19:15 - الاحد 25 ديسمبر 2016 19:15
في خضم انشغال العالم بمأساة حلب التي تعرضت لأسوأ عملية إبادة لسكانها وتدمير لمبانيها ومرافقها من قبل نظام بشار الأسد الدموي وحلفائه من الروس والإيرانيين الصفويين، والميليشيات الطائفية العراقية واللبنانية والأفغانية والحوثية، وجميع هذه الميليشيات تأتمر بأمر النظام الإيراني الصفوي وتقاتل تحت إشرافه، حتى تناقلت وسائل الإعلام خبر اغتيال السفير الروسي في تركيا أندريه كارلوف أثناء إلقائه كلمة في افتتاح معرض للصور أقامته السفارة الروسية في العاصمة التركية أنقرة.
وكانت عملية الاغتيال مصورة، وتضاربت الأقوال بشأن منفذ عملية الاغتيال، هل هو مرافق أمني مسؤول عن حراسة السفير أم شخص تمكن من القيام باختراق الحراسات، حتى اتضح أنه «مولود ميرت التينتاس» الشرطي التركي الذي خدم في أنقرة في قوات مكافحة الشغب منذ سنتين ونصف السنة، وكان عضوا في الفريق الأمني المكلف بحماية الرئيس إردوغان ثماني مرات منذ محاولة الانقلاب الفاشلة قبل أشهر.
ويجد المتأمل للأحداث التي تمر بها المنطقة أن عملية الاغتيال جاءت كردة فعل على التدخل الروسي السافر في سوريا وتمكنه من قلب موازين القوى في هذا البلد الذي مزقته الصراعات الدامية، كان نظام بشار الدموي المتسبب فيها بسبب سياسته القمعية وقتله لكثير من مواطنيه وتشريد الباقين، وكان معظمهم من السنة الذين يشكلون غالبية هذا الشعب المغلوب على أمره منذ تولي والده حافظ الأسد مقاليد الحكم عام 1970م.
ومن يشاهد مناظر القتل والتدمير التي حلت بهذا البلد لا يملك سوى الحسرة والألم على هذا البلد الجميل الذي كان مقصدا للسياح من كثير من دول العالم إلى عام 2011 وهو تاريخ بداية الحرب، واللافت للأمر أنه كلما اتجهت الأمور لصالح المعارضة السورية المعتدلة يحدث تدخل خارجي وقد يكون مقصودا بهدف تدمير مكونات هذا البلد والقضاء على قدراته العسكرية لمصلحة الكيان الصهيوني أولا، ثم التأثير على البنية السكانية من خلال قتل وتهجير المكون السني وإحلال مكون آخر هو شيعي صفوي.
وقد بدأ هذا التغيير في العراق الذي تعرض أبناء السنة فيه لكل وسائل القتل والتنكيل والتهجير وآخرها ما يجري الآن بالموصل بالتزامن مع ما حدث في حلب.
والآن وبعد قتل السفير الروسي، فإن المنطقة مقبلة على بركان قد تكون أول بوادره زعزعة نظام الحكم في تركيا من خلال التأثير على استقرار هذا البلد الذي لم يغفر له الغرب وأعوانه تمرده على العلمانية، ورغبته في العودة إلى جذوره الإسلامية التي ظهرت معالمها على أفراد شعبه، وعلى توجه قيادته الحالية، رغم القيود الكبيرة التي فرضها الدستور التركي منذ نحو مائة عام، ومن المؤكد أنه في حالة نجاح الغرب وأعوانه في زعزعة الاستقرار بتركيا، فإن الخطوة القادمة هي باقي دول المنطقة التي بدأ الغرب يوجه لها سيلا من الاتهامات الباطلة، كما حدث للعراق باتهامه بامتلاك أسلحة دمار شامل، واتضح فيما بعد عدم صحة هذا الاتهام، وكان من نتائجه تدميره تمهيدا لتقسيمه، وتلته سوريا والدور الآن على تركيا وباقي دول المنطقة، ولذا فإن من الأهمية بمكان أن تستعد هذه الدول لمواجهة التحديات القادمة والتي تستهدف وجودها، ولا يكون ذلك إلا بالتحالف الجاد بعيدا عن الشعارات البراقة الخادعة فالوضع لا يحتمل التأخير، والوقت يمر سراعا، ورياح عودة الاستعمار قادمة وبقوة، فهل يدرك الجميع خطورة هذا الأمر؟
aloqla.m@makkahnp.com