هذا الكوكب سيموت بجرعة تناقض مفرطة!
سنابل موقوتة
الثلاثاء / 21 / ربيع الأول / 1438 هـ - 20:15 - الثلاثاء 20 ديسمبر 2016 20:15
اغتيال السفراء جريمة في العرف الأخلاقي والدبلوماسي والإنساني، هذا أمر لا شك فيه ولا ريب. ولا يتناطح في تجريمه كبشان ولا دبابتان ولا حتى برميلان متفجران.
ولو استبدلنا كلمة السفراء في العبارة السابقة بكلمة «الإنسان» لصحت العبارة دون شك ولا ريب ودون أن يتناطح في صحتها الكثير من الأشياء.
ويبدو مفهوما جدا وواضحا أن تجد من يدين جرائم القتل سواء كان الضحية رئيسا أم سفيرا أم وزيرا أم مواطنا ضعيفا مسحوقا خرج يبحث عما يسد به رمق صغاره فاستقبله برميل متفجر أرسله «دبلوماسي» يتمتع بالحصانة.
أما غير المفهوم ـ بالنسبة لي على الأقل ـ فهو كثرة الكائنات التي تدين جريمة وتصفق لأخرى، وتستخرج أحاديث المعاهدين والذميين من بطون الكتب في حالات، وتتجاهل النصوص التي تحرم قتل النفس في حالات أخرى.
تلك الكائنات التي تبدو زاهدة متورعة عن الدماء في حالات ومحرضة ومنتشية بالدماء في حالات أخرى.
والأحداث التي تتوالى على هذا الكوكب البائس المسكين تدل أن نهايته ستكون بسبب تناوله جرعة تناقض مفرطة. وقد كان التناقض في أزمنة مضت من الأشياء التي تصنف في كتب النوادر والطرائف، أما التناقض اليوم فهو الدستور والمرجع الذي يعتمد عليه كثير من الساسة والإعلاميين و»المفكرين». التناقض اليوم هو «كاتلوج» المواقف والمبادئ.
وفي هذا الكاتلوج لن تجد ما يفيد بأن السعار والرغبة في القتل والتدمير ليست أراضي خصبة للعقل، وأن الذين يبذرون الجنون في كل مكان يجب أن يكون مما يعلمون يقينا أن العقل والمنطق واحترام الأعراف والأخلاق ليست مما يمكن أن يجدوه في المحصول النهائي الذي سيحصدونه.
وعلى أي حال..
حين يكون القتل والتشريد والتجويع والتهجير وجبة يومية معتادة للبشر فلا تتوقع منهم أن يحزنوا فجأة لأن شخصا إضافيا قد قتل، مخزون الحزن الاستراتيجي قد استنفد ولم يعد في الإمكان الحزن على ضحايا جدد.. والسلام!
algarni.a@makkahnp.com