الرأي

الخبرة الدولية.. العنصر الأهم في السيرة الذاتية

حنان المرحبي
من خلال المحادثات التي تتم بيني وبين الزملاء من الطلبة والموظفين ممن حولي من الأستراليين، وجدت أن هناك تطلعا سائدا بين فئة الخريجين للسفر خارج البلاد بحثا عن فرص عمل في أماكن أخرى من هذا العالم لاكتساب الخبرة الدولية. قد يستغرب البعض، ما الذي يدفع هؤلاء إلى التفكير في ترك بلدانهم وهم يتمتعون بفرص تعليم متقدمة جدا، وبيئة عمل وصناعة متطورة، توفر لهم فرصا غنية لتنمية أكثر المهارات ملاءمة لحاجة الأسواق في أي مكان بالعالم. ما الذي يجعل هؤلاء يتطلعون إلى العمل في الخليج مثلا، أو في الهند، أو الصين أو كوريا (أي في بلدان من غير الثقافة الغربية)؟ تأتي أهمية الخبرة الدولية من مفهوم التنوع الثقافي. هناك اهتمام متزايد بأن يبرهن الإنسان استيعابه للتنوع في نظرته (طريقة تفكيره) وسلوكه (تعامله مع الناس). ولكن ما أهمية أن يكون لدى الفرد احتكاك بالثقافات الأخرى غير المحلية، ألا تكفي المهارات والقدرات المتفوقة التي تقدمها أنظمة التعليم الغربية لهؤلاء ليحققوا أحلامهم دون أن يضطروا إلى تحمل تكاليف البحث عن فرص عمل خارج بلدانهم، أو المخاطرة وتحمل مشقة الاغتراب والعيش في أوطان لم يعتادوا على أسلوب حياة شعوبها (من بينها بلدان نامية وفقيرة)؟ في مواجهة المنافسة العالمية، سواء الناشئة عن خروج المشاريع المحلية إلى الأسواق الدولية أو الناشئة عن دخول المشاريع الأجنبية إلى السوق المحلية، تلجأ الشركات إلى استقطاب الكوادر والمواهب من كافة الجنسيات، الخلفيات الثقافية، الأعمار، الأجناس (ذكور وإناث)، والخبرات. هذا التنوع كفيل بإثراء بيئة العمل بالحلول والمهارات والمعارف والأفكار المتنوعة التي تمكن المشروع من تطوير المنتجات والخدمات وفقا لرؤية واضحة لظروف الصناعة التي تعمل فيها واتجاهها تحت المنافسة الدولية. وفي بيئة العمل ذات التنوع الثقافي الكبير، تجد اهتماما كبيرا لاستقطاب طاقم إداري أو قيادي يملك قدرة عالية على التعامل مع الاختلافات الثقافية الناشئة عن تنوع الخلفيات للموظفين، وذلك سعيا منها إلى تحقيق الانسجام بينها وأهداف المشروع. يدرك هؤلاء الطلاب الذين ذكرتهم في المقدمة أن السبيل إلى الترقيات نحو المناصب العليا يتطلب أن يكون لدى الشخص خبرة عمل دولية واحتكاك كبير وتعامل مع مختلف الأجناس والثقافات. يقول الكاتب والنائب الدولي للسياسة العامة والمسؤول التنفيذي للتنوع في شبكة Ernst & Young: Beth Brooke إن الاستماع للأفكار من أشخاص يعبرون بأساليب أو لغات ولهجات غير مألوفة يستهلك وقتا. واقتناع الشخص بأن هناك شخصا آخر لديه فكرة أفضل عملية تتطلب الكثير من التواضع. ومعالجة الصدامات الثقافية الناشئة عن اختلاف المعتقدات التي يحملها الموظفون من مختلف الثقافات تتطلب صبرا. معظم المدراء يؤمنون بأنهم قادرون على احتواء كل هذا التنوع، ولكن الوضع سيكون مختلفا عند التطبيق. هناك ندرة في أعداد الكوادر الذين يملكون القدرة على التعامل الفاعل مع الاختلافات الثقافية داخل المشروع ومزجها ضمن ثقافته ليتم توجيهها جميعها إلى تحقيق أهداف المشروع. وهذه الندرة تتسبب في تضخم رواتب هذه الفئة وزيادة معدل الاستقالات. أيضا تتسبب في تراجع فرص المشروع لدخول الأسواق العالمية وفتح فروع دولية. أحد أهم الأسباب التي تجعل العمالة الوافدة أوفر حظا بالمناصب العليا والمهمة في أي بلد هو تمتعهم بالتنوع الذي يمكنهم من التعامل مع الاختلافات إلى جانب الخبرة والمهارة والمعرفة. خبرة العمل الدولية هي العنصر الأهم ولكن المفقود في السيرة الذاتية. almarahbi.h@makkahnp.com