الرأي

الهندي الذي لا تعرفه!

إبراهيم خليل البراهيم
جاء الإسلام هذا الدين الحنيف في زمن كانت تنتشر فيه صور التفاضل والتمايز بين الناس في المال والنسب والجاه والسلطة فألغاها جميعا، وحدد التقوى كمعيار للمفاضلة بين العباد دون أي معيار آخر، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع «يا أيها الناس إن ربكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم». أحد الأخطاء والإشكاليات الجاهلية التي يقع بها البعض الحكم على الأشخاص من خلال وظائفهم أو ألوانهم وأعراقهم بانتقاص قد يمتد لكل من يشترك معهم في تلك الصفات، ومن تلك الأمثلة المعاشة على ذلك الخطأ الذي يقع فيه بعض الشباب عند عدم تصديق حادثة أو قصة معينة قول عبارة «شايفني هندي!» جهلا منهم وسخرية من بعض الوافدين الهنود الذين هم في الحقيقة يستحقون منا الشكر والثناء بدلا من السخرية كونهم ساهموا وما زالوا يساهمون بفعالية في عملية التنمية والبناء. الهند ذات الحضارة الضاربة في عمق التاريخ والتعداد السكاني الذي يتجاوز الـ 1.3 مليار إنسان، اليوم هي ضمن أقوى 7 اقتصادات في العالم، وتمتلك خامس أقوى جيش وأكثر من 100 قنبلة نووية. الهنود أيضا هم من اخترعوا الهوت ميل، والـ USB، وأول من اكتشف وجود مياه على سطح القمر عام 2009، وتمكنوا من الوصول لكوكب المريخ باستخدام «مانجاليان» المركبة الهندية 100% في عام 2014. الأكثر إبهارا من ذلك أن رئيس قوقل، ورئيس مايكروسوفت، ورئيس ماستر كارد، ورئيسة بيبسي والعديد من القيادات على مستوى العالم هم هنود الجنسية. تلك الأرقام والحقائق تجعل منهم نموذجا فريدا، ليس الهدف منه جلد الذات أو إجراء المقارنات، على العكس تماما، إنما الهدف منه أخذ الفائدة والدروس من التجربة الهندية والتجارب العالمية المختلفة وبث روح الحماس وشحذ الهمم. فالإنسان العاقل الواعي لا يستخف بغيره ولا ينتقصه مهما كان مستواه ومنزلته على العكس تماما بل يبادله الاحترام والتقدير ويستطيع استنباط الحكمة والفائدة من كل ما يجري حوله. ومضة ختام، قال تعالى «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون».. صدق الله العظيم.