الرأي

يقتاتون على عواطفنا

نظرية المركزية والأطراف هي القضية التي ما زالت تهيمن على أعباء الفكر العربي الآخر تجاه «الخليج» ولدى أرباب «السآفه» عرب اللانفط ضد عربان النفط كما يحبون أن يطلقوا عليهم إمعانا في التصغير، فما زالت تلك النظرية رغم هذا المد التقني والمعرفي والثقافي الهائل في دول الخليج وشعوبه لم تتزحزح في عقل حبيسّي «مناضلي الوهم والفستق»، التيارات اليسارية والقومجية والناصرية والبعثية ممن يشعثون شعورهم ويقعرون نظاراتهم حاملين حلم الوهم القومجي الواهم رغم أن التاريخ شاهد عصف بكل تلك التيارات ومؤسسيها وأعراها كما تعرى الشاة حينما تتدلى من ساقيها، وشاهد على فعل هذا الفكر الذي طالما أزعجنا معتنقوه بزعيقهم على مدى عمر اختطف مننا في بناء حلم العروبة، وأضغاث الوحدوية، والوطن الممتد من المحيط إلى الخليج، وفي فترات اندثار هذا الوهم بغزو صدام للكويت الذي حطم تلك القومية والوطن العربي الواحد خجل رموزه الحاملون شعار المرحلة، والذين جابوا وعابوا بلدان الوطن العربي وهم يحرقون حناجيرهم منادين «أمة عربية واحده ذات رسالة خالدة» فلو نظرت إلى تاريخ هؤلاء الواهمين لوجدت أن جّل أطروحاتهم تندفع باتجاه دول الخليج ـ وبالتحديد السعودية ـ إساءة وسبا وشتما للخليج وقادته، وحينما أفلس جلهم وهاموا في عواصم المدن الغربية على وجوههم، ولفظتهم جماهيرهم المغلوبة على أمرها، وأفقرتهم إيجارات شقق ضواحي لندن الباهظة اندفع بعضهم بكل بجاحة لعقد المصالحة والمغازلة من الباب الثاني تقربا للشعب السعودي في مواقع التواصل الاجتماعي واستغلالا لإحياء الحلم العربي الحقيقي الذي يقوده ملك الحزم والعزم والذي يتمثل بالصدق والشفافية والوضوح والمبادرة على أرض الواقع لا بالمانشيتات والتصريحات، خصوصا بعد البدء بإطلاق عاصفة الحزم وإنشاء التحالف الإسلامي، تحول هؤلاء للتطبيل والتزمير والتهليل جهارا والسخرية والتهكم سرا، والتقليل من شأن المملكة ومشروعها الجبّار. فما أكثر هؤلاء ممن يحظون بمتابعة ملايين السعوديين والذين يعزفون على الوتر السعودي ويدغدغون مشاعر الناس ويلعبون على عواطفهم بالتطرق لقضايا السعودية وصراعها المرير مع إيران، والحديث عن بعض الشخصيات من صانعي السياسة السعودية، وهذه هي الطريقة التي اعتاد عليها من يعرفون المسالك والطرق للدخول لشخصية المواطن السعودي، ولكن المحزن هو هؤلاء الملعوب على عواطفهم، والمندفعين من سفح الجبل مع شدة الانفعال ـ ورغم كل النداءات التي يطلقها الصادقون ـ إلا أنهم جعلوا منهم رموزا وأبطالا فاتحين عروبيين عاشقين للمملكة لا مساس بهم، وإن مُس أحدهم شنعوا بك وجعلوك خائنا للوطن وعميلا لإيران لمجرد تحذيرك من هؤلاء الأفاقين الأفاكين وراكبي الموجات الذين قدموا بضاعتهم الجديدة بغلافها الجديد، كما قدموا بضاعتهم السابقة في نفس الإطار،هؤلاء كالشحاذين المحترفين على أرصفة الدول العربية، حينما يروون مواطنا خليجيا يتقافزون حوله يستجدونه وإن لم يقدم لهم شيئا مما تيسر من المال «شتموه»!